العلمانية و العولمة
بسم الله ارلاحمن الرحيم
أن يتلقى دين الإسلام الضربات تباعاُ من مجانيق تطلقها جبهات بعيدة من قرى محصنة أو من وراء جدر، فلا غرابة في ذلك وهي ضربات متوقعة و ليست موجعة ، خاصة إذا كانت تطلقها أيد راجفة و قلوب واجفة وأسماء شائهة من أمثال بطرس أو ديفد أو كومار. و لكن المصيبة الفادحة والطامة الكبرى هي أن تأتي الطعنات من الخلف و المنغصات من الجوف..ويكون عرابوها ممن عبد و حمد، ممن يشهدون زوراً بألا إله إلا الله وأن محمداّ رسول الله، بينما يشهرون عداءهم لدين الله و يقفون سداً منيعاً في وجه أية مساع و لو كانت خجولة لتحكيم شرع الله في أرضه وإمضاء سنته إلى غاياتها في خلقه.
هؤلاء هم من بني جلدتنا و ملتنا لكنهم يجمعون بين الشيء و ضده تماماً. وكأني بهم آتون من غياهب الألحاد المستكحمة حلقاته والضاربة أطنابه في الزندقة والتزمت.. ولعل أشد المفارقة في أن شاهدهم على بطلان حاكمية شرع الله يستدعونه من القرآن العظيم وهو من ذلك براء، كقوله تعالى:{ لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي...الأية}. ولعل الرد عليهم في ذلك في غاية السهولة واليسر.. وهو أن خطاب الآية الكريمة هنا موجه إلى من لم يدخل بعد في دين الله؛ فهو لا يجوز إكراهه ما لم يهتد بمحض إرادته.. بل إنه لن يقبل منه اعتناق الإسلام أصلاً إذا كان:
-1) مكرهاً
2) مضطراً
3) مغرراً به
4) شاهداً ؛
لكون صحة الإيمان معقودة على شرط الغيبية.، لا على حدوث المشاهدة و رأي العين؛ يقول المولى عز وجل : {يؤمنون بالغيب}ويقول:{فلما رأوا باسنا قالوا آمنا.. }. وقال أيضاً على لسان فرعون:{....آمنت بالذي آمنت به بنوا إسرائيل}. فجاءه الرد ربانياص مفحماً في قوله تعالى:{ءالآن وقد عصيت من قبل... } إلى أن قال تعالى:{اليوم ننجيك ببدنك ، لتكون لمن خلفك آية...} نلاحظ هنا ذكر المولى عز وجل لفرعون بدنه..بمعنى أن روحه التي كانت بين جنبيه قد قبضت و أخذها الله و هي ظالمة، إن أخذه أليم شديد. ثم ترى ما الحكمة في أن جاءت الآية بعد آية الكرسي وهي أعظم آي القرآن قاطبة،؟؟؟ وقد ضمت أسماء الله الحسنى وصفاته العلا؟؟ لعل أليس في دلالة دامغة على أن ذات المولى يسمو وتربأ بنفسها عن قبول الحق من مكره أو مضطر؟؟؟..
أنهم يسمونها:-
1)تارة بالعلمانية بكسر العين بنسبتها إلى العلم الوضعي الذي هو ضد الشرع؛
2)وتارة هي بفتح العين ،نسبة إلى العالم ،بمعنى الحياة الدنيا {إنما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا و ما يهلكنا إلا الدهر ....} ؛
3)وتارة هي بفتح العين واللام معاً ؛ نسبة إلى العلم ؛ أي بمعنى بذل الولاء يكون فقط لأيقونة شعار الأوطان و ليس لخالق الأكون.
4)ألا رحم الله الشيخ/ سيد قطب حين أطلق قولته المأثورة يوم خروج الغزاة الأنكليز من مصر : "اليوم خرج الأنكليز الحمر و بقي لنا أخوانهم السمر"..
ولما كانت الغاية من العلمانية بادي الرأي هي فصل الدين عن الدولة ، أي بمعنى أن ما لقيصر لقيصر و ما لله لله،؛ فإننا نراها اليوم وقد استفحل أمرها و استشرى خبثها فكشرت عن آخر ناب لشرها ، إلى أن خرج من تحت عباءتها ما بات يعرف بالعولمة التي تعني في أدق ما تعنيه المناداة بالفصل التام بين المرء و بين سلوكه الشخصي. أي بمعنى: أن لك الحرية كالمة في أن تتدين كما تشاء و يحلو لك من ناحية ، في حين يباح لك أن تفعل في نفسك مايروق لك ويشبع غرائزك.. فلا رقيب ولا هم يحزنون، بحجة أنها حرية الأديان . بل وليت الأمر يقف عند ذاك الحد. لكون هنالك أصوات لا زالت ترفع عقائرها بالنداء عالياً بشعارات من قبيل "حوار الأديان و ولقاح الحضارات" وما شابه. والسؤال ببساطة هو: دعونا نعرف تحديداً ،هل هناك أديان متعددة؟؟؟ أم إنه دين واحد. يقول عز من قائل: {إن الدين عند الله الإسلام .... ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} ..
إذاً ، فمن أين أتى هؤلاء بكل هذه الأباطيل؟؟؟؟ ألا إن حسبي الله ونعم الوكيل!!!
!!!