معايير تولي القيادة
كيف نختار من نوليه مسؤولية القيادة أو الإمارة؟ وهل تعطى لمن يطلبها أم تمنع عنه؟
يقصد من يطلب الإمارة أو القيادة في مؤسسة ما أو في المجتمع عامة أمراً من إثنين:
الأول: أن يستفيد من منصبه هذا في الحصول على الجاه والمال والتحكم في العباد، وهذا مذموم لا يقره شرع ولا ناس. وقد يكون الشخص مستقيماً لكنه لأسباب أخرى لا يصلح لتحمل المسؤولية.
وفي حالة الرغبة في الاستفادة من المنصب ننظر في الحديث التالي:
عن أبي موسى قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحد الرجلين: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل. وقال الآخر مثل ذلك، فقال: "إنا والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه". أخرجه مسلم.
من هنا يتبين لنا أن الطامع في المنصب لا يعطى إياه لأنه في الغالب سيسيء استخدامه ويؤذي المؤسسة أو الجهاز الذي يديره، فهو ليس مخلصاً للمنظمة ولا يهمه مصلحتها ونجاحها بقدر ما يهمه استغلالها في تعظيم مكانته وأمواله على حسابها.
أما الشخص الذي لا يصلح مع كونه مخلصاً فلنا في أبي ذر الغفاري خير مثال عليه. عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله: ألا تستعملني؟ قال: "إنك ضعيف وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة لخزي وندامة. إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها". أخرجه مسلم.
فهذا أبو ذر الصحابي الجليل المخلص لدين الله وللرسول عليه الصلاة والسلام تمنع عنه الولاية ليس لشك في إخلاصه وولاءه ولكن لضعف في شخصيته قد لا يتيح له القيام بواجبات الولاية كما ينبغي فتكون خزى وندامة له يوم الحساب.
الثاني: أن يطلب الشخص القيادة أو تولي الإدارة لأنه لا يوجد من هو أكثر أهلية للقيام بها. ولأنه يخشى إذا تولاها غيره أن لا يحسنها، والطلب بهذه النية أمر مثاب مأجور ومعان عليه إن شاء الله.
والأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها طلب يوسف عليه السلام للولاية لا طمعاً فيها ولكن لمعرفته بأنه أفضل من يقوم بها في ذلك الزمان والمكان. (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف (55).
فكان الطلب هنا مرتبطاً بالحفاظ على الأمانة والعلم بالأمر وكيفية تصريفه -أي الكفاءة بلغة عصرنا. إذ أدرك عليه السلام أنه ليس هناك من هو مثله في العدل والإصلاح وتوصيل الحقوق إلى الفقراء والمحتاجين.
كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام ولى الصدائي الآتي من اليمن الولاية عندما طلبها على قومه لما رآه من كفاءته وصلاحه.
ه إذا كان مخلصاً أميناً وقوياً وكفؤاً ومتميزاً عن المنافسين له في تولي نفس المنصب.
وهكذا نخلص إلى أن من الممكن أن يعين طالب الإدارة أو القيادة والساعي لها في المنصب الذي يطلب
منقول عن
د. طارق محمد السويدان
ا