أخي أبا مسلم دعني أعيدك إلى الوراء وأهمس في روعك بكلمات هي قيض من فيض في رثاء عمك هذا الفارس الذي ترجل على حين غرة . العم حيدر, تلك الشجرة القامة التي لا نقول ماتت واقفة إلا بعد أن أورقت ثم أينعت فحانت قطافاتها تترا. عم حيدر تلك المشكاة التي لا نقول خبت مأسوفاً عليها إلا وقد أشعت وسرت بليل في رحابات وأفضاء البحث عن غايات الرضا السرمدي ..ذهب هذا الرجل وخلى في حلوقنا غصة ومرارة .. رحل وقد حفر في نفوسنا توقاً جميلاً وأشياء كثيرة من "حتى" ذاك الزمن الجميل,حيث الرفقة الخالدة ..احتوانا فيها بتحنان الأب الروحي" نعته بها أبناء راطة أمدرمان يوم نعيه" ونبل الأخ وتفاني الزول ود البلد. كان عدييداً ما يتجاوز لنا عن زلات ويتهادن معنا في حماقات.. رغم أننا بطبيعة الحال كنا نعرف للرجل حقه ونصون له عهده ونوقرله شيبته وهيبته (to his own measures, at least).
ما أثار فينا خواطر كهذه وهي أصلاً مختلجة فينا منذ فقده.. أقول ما أثارني هو أن رأيتني في المنام جالساً في مكان ما لعله بيت من بيوت الله؛ فدخل علينا عمك في هيية لا أخفيك أنها لم ترق لي بادي الرأي وفي و ملابس ليست أنيقة وقسمات ربما تشي بشيئ من الإعراض .. حدجني بنظرة ذات مغزى.. كمن يعاتبني لما قد أكون قصرت في حقة بحاجة ما. دخل من هنا وخرج من هناك لا يلوي على شيئ. غيرأنه ما تلبث أن عاد بعد غيبة في وضع مغايراً تماماً..هو دا عمك الذي تعرفه في هندام تام وفي بياض وإشراق ووجه كفلقة القمر.. بادي السعادة وعريض الابتسام. ثم بنظرة رائقة تعمد إطالتها وبأريحيته المعهودة ناداني بلسان الحال: " يا أبو الدفاع ,اتفضلوا ؛ فقلت وين يا حاج قال: إلى حيث أنا الآن.. ماك شايف؟!! " فهببت متهللاً وفسرت أحلامي بأن عمنا دا خلاص رجع مرضياً عنه بأذن رب الكعبة.
ألا رحم الله العم الأستاذ/ حيدرعبد الحميد محمد إمام وتقبله في عليين ..آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــن,,,
من أبو حازم – دفع الله الأمين أحمد حمد النيل- ودالأصيل
ودمتم,,,