كم فيكي يا بلادي من عجائب
لماذا تأكل الدولة أموال الناس بالباطل، وتدفعم دفعاً لمقاضاتها ؟؟!
بالأمس أصدر السيد رئيس القضاء مولانا محمد حمد أبو سن منشوراً وجه من خلاله القضاء بعدم قبول أي دعوى من الجهات الدائنة للدولة تُرفع عبر شركات تخصصت في الحلول محل تلك الجهات ما لم يكن هنالك تراضٍ كتابي بين أطراف الدَّين. ولكن لماذا هذا المنشور والآن بالذات؟ يقول السيد رئيس القضاء (إن هنالك الجهات الدائنة للدولة بدأت في اتخاذ إجراءات اقتضاء ديونها عن شركات تخصصت في الديون دون مراعاة للقوانين الوطنية الواجبة التطبيق). لابد أن فهمنا القاصر لقوانين هذه البلاد هو ما يسوقنا لطرح هذه التساؤلات السمجة، فمعذرة للسادة القراء النابهين.
السؤال الأول للدولة يا ترى لماذا تأكل الدولة أموال الناس بالباطل أصلاً وتدفعهم دفعاً لمقاضاتها، بل وستدفع بهم لغياهب السجون لأعوامٍ. أعرف رجال أعمال أفلسوا وتبهدلوا في السجون بسبب أن الحكومة المُحتمية بأجهزتها ترفض سداد ما عليها من ديونٍ واجبةٍ.
السؤال الثاني للسيد رئيس القضاء وهو ما العيب أن توكل تلك الشركات المستولى على أموالها بالباطل وأعيتها الحيلة في تحصيلها، ما العيب أن تلجأ لشركات أخرى تحمل عنها هَم تلك الديون واللهث وراء المحاكم لسنوات مما يسهم في إهدار جهودها بعد الاستيلاء على أموالها. أليست تلك الشركات التي تتم الاستعانة بها هي شركات مسجلة بقوانين السودان ومُصرّحٌ لها بالعمل في المجالات التي تعمل بها، فأين هي يا ترى مخالفة القوانين هنا؟. فإما أن تكون الشركات تعمل خارج القوانين فهي بذلك تستحق أن تردع أو أنها تعمل في إطار قوانين الدولة فيصبح لا معنى من منعها ممارسة عملها. يبدو لي أن أصل الحكاية حكاية غير معلن عنها. هذا ما يتضح في نهاية الخبر، إذ يقول السيد رئيس القضاء: (على المحاكم أن تراعي أن بيع الدَّين بهذه الطريقة يكيف ضمن عقد الحوالة). تبدو هنا الحكاية واضحة وهي قصة بيع الدَّين. لقد درجت الشركات وهي تحاول فك رقبتها من ديون البنوك التي تطاردها بالسجون لبيع ديونها على الحكومة بنصف أو ربع السعر للشاطرين من ذوي النفوذ أو لشركات تخصصت في شراء الديون والصبر على الحكومة سنوات. لا أعرف ما هي الحلول التي يضعها السيد رئيس القضاء أمام ضحايا الحكومة الذين يرون بأم أعينهم أنّ مستقبلهم يتهدد وتتعرّض شركاتهم للإفلاس بلا ذنب سوى أنهم صدقوا الحكومة واستثمروا أموالهم في مشاريعها فحصدوا الرماد. ماذا يفعلون، أيبقون في السجون سنوات أم يبيعون ديونهم بأقل الخسائر للشركات أو للشيطان نفسه ليهربوا بجلدهم وسُمعتهم وكرامتهم من دهاليز السجون.
على السلطة القضائية أن تكيف بيع الديون بحوالة أو بغيرها، المهم هو إرساء العدل ومنع الدولة من أكل الناس بالباطل لا منع الضحايا من التصرف بما يحفظ كرامتهم واللجوء لما يمكن أن يكون طوق نجاة لهم.
مسلسل خضر جبريل
أخيراً انتهى مسلسل خضر جبريل، فلقد تم التمديد له بقرار رئاسي لعام كامل ولكن الخبر العجيب في سبب البلاغ ضده!!. وجاء في الأنباء أن سبب شطب البلاغ أن وزارة الزراعة أنكرت أصلاً أنها فتحت بلاغاً ضد جبريل أو أنها فوّضت أية جهة لفتح ذلك البلاغ!!. إذاً من فتح البلاغ ضد جبريل؟. لابد أنه الجن الأحمر. هل حقاً أنّ النيابة فتحت بلاغاً لمجهول ضد السيد جبريل والوزارة التي يخصها الأمر لا تعلم وخاصةً أنّ الأموال التي يدعي البلاغ أن جبريل أخذها دون وجه حق هي أموال وزارة الزراعة وليس غيرها بمعنى انها الجهة الوحيدة التي تملك حق الشكوى وتملك المستندات التي تدين المتهم!!. كم فيكي يا بلادي من عجائب.
عادل الباز : رئيس تحرير صحيفة الرأي العام
موقع النيلين الالكتروني، بتاريخ: 4/9/2013