خواطر ذبيحية (2)
الإسلام دين العدل والتسامح والرحمة لا الإرهاب والعنف والعدوان
يزعم الصهاينة والصليبيون من أبناء القردة والخنازير أن الإسلام دين الإرهاب والعنف، وأنه ما انتشر إلا بحد السيف .. وقد يتابعهم على ذلك بعض ممن يحسبون على المسلمين من العلمانيين واليساريين والمنافقين والجهلة .. ولكن الواقع أن الإسلام هو دين العدل والسلام والرحمة والرفق والتسامح مع الخصوم والمخالفين والأعداء ..
ولنأخذ دليلاً على ذلك من موقف مشهود لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، أحد كبار أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكبار علمائهم، ورابع الخلفاء الراشدين .. هذا الصحابي الذي تربَّى في حِجر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان أول من أسلم من الصبيان، وخصَّه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بريحانة فؤاده فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) دون غيره من الصحابة، وقال عنه: (أنا مدينة العلم وعلي بابها).
تأمَّل سماحة الإسلام مع المخالفين في موقف هذا الخليفة الراشد (رضي الله عنه) مع الخوارج، على الرغم من أن هؤلاء الخوارج قد كفَّروه، ثم نزعوا يدهم من طاعته؛ بعد أن كانوا ممن بايعه وتابعه، ثم قاتلوه .. وفي آخر المطاف اغتالوه غدراً وظلماً وعدوانا ..
سألوه بعض المسلمين عن الخوارج، وهل هم قد كفروا؛ فأجاب (بأنهم من الكفر قد فرُّوا)! وقال عنهم: (هم إخواننا قد بغوا علينا) .. هذا على الرغم من أن لديه دليل ساطع من المصطفى (صلى الله عليه وسلم) أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة)! فالخوارج حزب معارض، ومعارضته مسلحة .. فانظر للحقوق التي كفلها لهم هذا الخليفة الراشد العادل .. حيث خاطبهم بقوله: (ألا إن لكم عندي ثلاث خلال: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بقتال)؛ وفي رواية أخرى (ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا)! هذا الأثر الذي يستحق أن يكتب بمداد الذهب ثم يعلق على جدران المساجد؛ قد كفل لهذا الحزب المعارض (وهي معارضة مسلحة) عدداً من الحقوق والحريات يتشدق أهل الغرب بأن لا وجود لها إلا في حضارتهم وإيديولجياتهم، ويتابعهم على ذلك المستغربين والعلمانيين من أبناء المسلمين .. من تلك الحقوق والحريات: الحرية السياسية، ويدخل فيها حق التفكير وحق التعبير وحق الاختيار والانتماء السياسي والآيديولجي، والحرية الدينية وحق التعبد، ثم حق التملك والتكسب والاسترزاق، فضلا ً عن حق الأمن والسلام والاطمئنان على النفس والعرض والممتلكات (ولا نبدؤكم بقتال)! ..
وقد قاتل علي (رضي الله عنه) الخوارج وأوقع بهم، بعد أن بدأوه بالعدوان؛ ولكنه لم يغنم أموالم ولم يسبِ نساءهم، فهو قاتلهم على أنهم من بغاة المسلمين ولم يقاتلهم على أنهم كفار .. ورغم عدالته هذه وسماحته معهم سعوا لاغتياله حتى قتلوه غيلة وغدراً وهو يصلي صلاة الفجر، صبيحة يوم 17 رمضان من سنة 40 هجرية!!