صديقى ( ع ) دعاني إلى زواج إبنه قبل عدة أيام فلبيت الدعوة ( غداء )، داخل الصيوان الممتد تناثر المدعوون بينما إنطلقت من ( مكبرات الصوت ) الضخمة أغنية الفنان الكاشف ( الحبيب وين قالو لىْ سافر ) والتى لدهشتى سرعان ما إكتشفت أنها ( مدحة ) وأن كلماتها قد تحوَّرت لتصبح ( الحجيج وين قالو لي سافر )، طفقت أبحث عن مصدر الصوت فى الصيوان فوجدت أن مصدره ( خمسة رجال ) أشداء أقوياء تبدو على ملامحهم آثار ( الترطيب ) وتناول الأكل ( النضيف ) ممتلئي الأجسام يرتدون جلاليب بيضاء ( زبدة ) وعمائم ( توتال أصلى ) و( ساعات ) بيضاء ذات ( إستيك ) يحز فى تلك الأيادى الرطبة، خمسة رجال ( الواحد يضرب الحيطة يرميها ) يجلسون فى صف على تلك الكراسى الوثيرة..
وأمام كل منهم ( مايك ) يتمايلون طرباً مع تلك ( الألحان )!
لوهلة قلت فى نفسى ( حقو الواحد يمشى يشيل منهم المايكات دى ويقول ليهم أمشى شوفو ليكم شغلة ) ! لولا أننى إستدركت بأن الناس ح تقول ( الزول ده جنا )!
مديح ( المصطفى ) عليه الصلاة والسلام ( ما قلنا فيهو حاجة ) لكن أن تصبح ( الشغلانة ) مهنة و( عدادات ) وأن تهدر هذه الأجسام ( الضخمة ) والعضلات ( القوية ) فى ( مسك الطار ) والتمايل يمنة ويسرى فهذا ما لا يقره دين أو شرع!
فى الماضى كانت مسألة ( المديح ) يقوم بها ( كبار السن ) الذين لا يستطيعون ( عملاً ) فى أماكن التجمعات ( كالمحطة الوسطى ) فيقوم الناس بالتجمهر حولهم وأعطائهم ( الفيها النصيب )، يقال ان أحد المداح من هؤلاء شاف ليهو موقع إستراتيجى فى ( المحطة الوسطى ) وقعد طلع طارو من ( المخلاية ) وختا عصايتو وفرش ليهو قطعة ( دمورية ) قدامو عشان الناس تخت ليهو فيها ( الفيها النصيب )، أول زول وقف قدامو طلع ليهو ( جنيه ) ختاهو ليهو فى القطعة وقال ليهو:
- بالله أمدح لينا مدحت ( يا شفيع الأمة )!
المداح مسافت ما يرفع الطار جا شماسى طاير وكوووف ختف الجنية وقام جارى ... المداح خت الطار فى زعل وقال للزول:
- عليك الله دى أمة يشفعوا ليها!!
وقبل أن تتطور المسألة وتصبح كما هى عليه الآن، شئ ( أشرطة كاسيت ) وشئ ( قنوات متخصصة ) كان المداح فى ليالى المديح يضعون أمامهم ( قدح ) يجمعون فيه النقوط ( عداد لايف وكده ) ويقال انه فى أحد المرات كان هنالك شخص (مخمور) يبدو ان ( جيبو مليان ) فكان عند كل مدحة ينقط ( فى القدح ) ويبشر فى ( المداحين ) ثم يعود إلى مكانه وبعد قليل يأتى ليفعل نفس الشئ وعلى مقربه من المداحين كان يجلس ( درويش ) يبكى بإستمرار حتى إمتلات ملابسه بالدموع ( غرقان وبحرو محمِّر )، فى لحظة قامت ( الحلقة ) جاطت فحضر ( البوليس ) لتنظيم ( الشغلانة ) وأول ما قام به هو الإمساك بالزول إلا أن المداحين صاحو جميعا ( بصوت واحد ) فى رجل البوليس:
- عليك الله الزول ده خليهو ... طلع لينا بس الزول الببكى ده!
لم يكن المداحون يطمعون فى الزمن الغابر فى أكثر من ( صحن فتة ) وكان الشئ المتعارف عليه ان توضع لهم ( أكبر العضام ) ومنذ بداية طبخ الطعام يتم فرز ( عضام المداحين ) ولا يجرؤ أحد على الإقتراب منها، يقال انه فى احدى المرات جلس المداحون حول ( صحن الفتة ) فجاء ( شافع صغير ) لمشاركتهم الأكل لكنه أجهز على كل العضام الموجودة وحينما ( رن ) صوت آخر ( عضم ) يضعه على حافة الصينية قام أحد المداحين ( بلكزه ) فى غضب قائلاً له:
- أها بعد ما تمشى تغسل إيديك ديل ابقى راجل وقوم امدح!
ولما كان ( مداحين زمان ) ليست لديهم ( عدادات دفع مقدم ) كما مداحى اليوم فقد كانت غاية مرامهم هى ( الفتَّات ) والعضَّات المجيَّهة، يقال أن أحد رقيقى الحال كانت لديه مناسبة فدعا عدداً من المداحين لإحياء الليلة. وبعد أن قاموا بتقديم وصلاتهم المدائحية فوجئوا بأن ( العشاء ) عبارة عن ( شعيرية ) لا لحم، لا شواءات ولا يحزنون !!! فأصيبوا بخيبة أمل وبينما هم كذلك جاء ( كلب البيت ) يحوم حولهم، فإذا بأحدهم ينهره فى حنق:
- جرررررررررر... حاجة يجدعوها ليك مافي... آها؛ أمشي جيب ليك ( معلقة) وتعال!!!