size=200]حلو الشم[/size]حلو الشم
تعرفون أبو زيد الهلالي ..تلك الشخصية الوهمية ربما .. الذي اقترن اسمه بالحكمة والأمثال الشعبية التي تتجذر في تفاصيل حياة أهلنا في الريف خاصة وتكاد تشكل مرجعية عرفية قانونية يصيغها الناس وينسجونها على هيئة حكاوي قصيرة ترمز إلى مرام بعيدة.. ففيها الترويح و التسلية و أيضاً العبرة .. فتتدخل إلى حد كبير في قولبة الشخصية الكروكية للفرد والجماعة و تعين الناس في تنظيم علاقاتهم و على إدارة شؤون حياتهم ومعاملاتهم.. قد لا نكون بدعاً من الأمم ولا ننفرد بينهم في ذلك .. لكننا أمة منضبطة بالقريحة .. نقيم وزناً ثقيلاً لكل ما يرضي الله ويرضي الناس و لا يخدش حياء الذوق العام..لدينا خطوط حمراء لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا.. فالمرأة عندنا بت عم الراجل.. وما يجرب المجرب إلا الشقي.. وبليلة مباشر و لا ضبيحة مكاشر..وغير ذلك الكثير.
الشاهد في كلامي هو أبو زيد الهلالي بحد ذاته وتحديداً قصة دارت بينه و زوجته وابنه (بريقع). فيحكى أن أبا زيد من باب التندر والمشاكسة مع زوجته جاب سيرة أبوها بالشينة وذكره ببعض السوء فقال لها: يا بت الأضينة (يعني الأذينة) وهي تقال للرجل السميع الذي لا استقلالية له برأيه.. يعني معاكم معاكم, أو قريعتي راحت وما شابه. طبعاً أبو زيد يعرف صهره جيداً أنه شهم و ضو قبايل .. وإلا لما ناسبه أصلاً.. المهم عمتك زعلت وانتفضت وأقامت الدنيا.. يعني كيف يا راجل تنبز لي أبوي ..دا أبوي عشا البايتات.. البضبح الشايل.. أبوى الخادمو هي بتدرش تقول قضا.. قال لها أبو زيد على رسلك يا مرأة وهدئي من روعك.. أنا عندي ثلاثة غلوتيات (فزورات) إذا كان أبوك عرفهن فهو ذو الرأي السديد و كما يحلو لك وصفه.. الحاجة لفحت ثوبها وقالت بامتعاض: أنا هسة دي رايحة شايلة أهلي وبجيب ليك أبوي ومعاه الرجال البدقدقوا ليك في سدرك و يلزموك حدك.. قال ليها خلاس وريه الغلوتيات وإنشاء الله يحلهن ونرتاح.. أول شيئ قولي ليه: أعرف لينا ما هو "حلو الشم" و سمح الأتر(الأثر) والضل(الظل) الرهيم.. فانطلقت اختنا لاتلوي على شيء.. فلما أتت أباها دخلت في الموضوع طوالي عشان تفش غبينتها.. قال أبوها "حلو الشم" دا ظنيته آ بنية: الزهور في الجناين! و"سمح الأتر" مشي الغزلان فوق الرمال! و"الضل الرهيم" ضل الراكوبة مع العصرية.. أيواه بقى كدي!!.. هنا أخونا بريقع (ود اأبو زيد) والولد سر أبيه قبيل كان متابع الموقف جيداً منذ البداية: لما شاف أمه تقوم وتقع قامزة على قرية أبيها المجاورة ..مشى اندس في بتق (شجيرات) كدي بين الحلتين وانتظر حتى عادت أمه لا تسعها الفرحة بانتصار أبيها .. فلما اقتربت من مخبأ بريقع خرج لها وقال: أها آ يمه قال ليك شنو جدي؟ فعرضت عليه إجابات جده التي إن نمت فإنما تنم عن فراسة, على ظنها طبعاً .. فنظر إليها بريقع بشفقة وقال: والله أقول ليك قولة! الظاهر جدي دا فعلاً راجل طيب وابن حلال.. كدي اسمعي مني الأجابات الصحيحة عشان ما ترمي عمتنا مع أبوي دا ..ثم بعدين أوعي تقولي بريقع لاقاني!!!. أولاً "حلو الشم" هو الجنا (البنون) و"سمح الأتر" المطر و "الضل الرهيم" هم العشيرة (أهلي وإن ضنوا علي كرام). فتبين للحاجة أنها كانت متسرعة شوية .. فرجعت إلى أبي زيد تتفشخر أمامه برجاحة عقل أبيها وتخبره بماذا أجاب.. لما سمع أبو زيد ذلك فطن إلى أن في الأمر لكنة.. فبادرها قائلاًَ بريقع لاقاك يامرأة؟ قالت أجــــــــي؟ عاد وين أشوفه.. أنت يا راجل ظنيت مجنون!! فقال خلاس نادوا لي الخدم يضربوا الدنقر (النحاس).. ويذيعوا في الناس أن بريقع كتل (مات) فأول أمه ما سمعت ذلك أصابها الزعر وصرخت : كيف مات وأنا هسة كنت معاه في الشديرات وقال لي كذا وكذا.. فانفضح أمرها..
ودمتم بعافية
أبو حازم,,,