زائر زائر
| موضوع: إلى حواء مع التحية الأربعاء 24 يونيو 2009, 1:52 pm | |
| إلى حواء مع التحية لنعلم جميعاً أن الحياة ولدت من الرغبة, دون اسم و لا ذاكرة. كانت للحياة أياد, لكن ما الفائدة؟ فلا أحد لتلمسه؛ وكان للحياة أيضاً لسان ولكن دون جدوى! فلا أحد لتخاطبه؛ إذن كانت الحياة وحيدة يتيمة فلم تسو شيئاً وحدها. ثم سرعان ما انتابها الفضول في أن تتعدد كي يكون لها معنى؛ سرت تلك الرغبة في أوصال الحياة بليل, فلعل الشيئ بضده يعرف. كان لسهم الرغبة عنفوان قسم سلسلة الحياة الفقرية فانشطر ظهرها نصفين. ثم ما أن أبصر كل نصف نصفه الآخر حتى ابتدره بابتسامة تحمل أوجهاً و تخفي أشياءً.. ثم ما لبثا أن تلامسا حتى استغرقا في ضحك بريء طويل ثم هستيري متقطع في أحيان كثيرة على أوتار حساسة.
حقيقة أن نصف الحياة آدم ونصفه حواء. و حقيقة أن الشمائل الحلوة ندرت في الرجال كما في النساء؛ و لكن يظل "الخير في و في أمتي" و ماجدات بلادي خير مثال. فقط أعقب بأن القضية جدلية عمرها الدهر. و إن كان "هو" قوياً في بنيته فـإن "هي" قوية في ضعفها(هكذا كانت تقول أمينة السعيد محررة قديمة في روز اليوسف).هنا أقول لك أيها المفتل إن كان أقصر الطرق إلى قلبك عبر معتدتك فإن أقصرها للمرأة هو قلبها مباشرة؛ فعليك أن تطرق عليه بالحب طرقاً ناعماً ثم توغل فيه برفق . فالحب مفتاح سر المرأة و مسبار شخصيتها.
جدكم الشيخ فرح ود تكتوك وقف ذات يوم بين يدي القاضي الذي طلب منه أن يأتيه بأقرب من يثق بصداقته فخرج وعاد و معه زوجته. ثم طلب منه القاضي إحضار أشد من يخشى عداوته, فخرج ثانية ثم عاد و معه زوجته ذاتها. وأمام دهشة القاضي قال الشيخ فرح: هن كالدنيا, يوم هكذا و يوم هكذا!!!
لعل الإشارة والتلميح و التعريض و حتى السكوت من أبلغ وسائل المرأة للتعبير. و قد امتدحهن المولى بشيء من ذلك إذ يقول عز من قائل: "أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مببين". وفي الأثر الشريف أيضاً:- لما اشتد على النبي(ص) مرض وفاته أذن بلال للصلاة ثم دخل عليه كعادته لينبهه للصلاة فقال له (ص) مر أبا بكر فليصل بالناس, فقالت عائشة(رضي الله عنها) ما معناه أن: أبي رجل رقيق فاخشى أن يشتد حزنه فلا يقوى على ذلك. فلما رآها النبي(ص) تلح على حجتها كرر أمره لبلال و قال ما معناه إنكن كصواحب يوسف أو كما قال (ص). فهم من هذا أن السيدة عائشة قالت شيئاً وكانت تضمر شيئاً آخر و هو خشيتها على أبيها من أن يتشائم به المصلون في مقام رسول الله (ص). والمعنى قياساً على صواحب يوسف لما دعتهن امرأة العزيز وأعتدت لهن متكأً, جئن على رغبتها في الظاهر, فيما كانت كل منهن في قرارها ترغب في يوسف لنفسها. هكذا هن شقائق الرجال؛ لم يخلقن من رأس الرجل فيتعالين, ولا من قدميه فيطؤ رقابهن و إنما من ضلعه ليسير الاثنان جنباً إلى جنب. و لما اعتذرت أم السيدة مريم (عليها السلام) وقالت: "إني و ضعتها أنثى" جاءها الرد ربانياً مطمئناً بأن"ليس الذكر كالأنثى". و لا شك أن في كل خير.
لمسة أخيرة:- قالت ربة المنزل متحسرة : بعد مضي 25 عاما من الزوجية الناجحة فشلت أخيراً و طهوت ذات يوم أسوأ عشاء في حياتي.نضج الخضار أكثر مما يلزم, و شاط اللحم لدرجة شبه تفحم, و سففت الملح للسلطة . سقط في يدي و ظل زوجي صامتا يتناول طعامه حتى فرغنا. و لما نهضت على خجل لأ غسل أطباقي فوجئت بزوجي يلاصقني فياخذني بين ذراعيه ويطبع قبلة على جبيني. سألته: لماذا هذه القبلة بعد هذا العمر؟ قال: لقد كان طهيك الليلة أشبه بطهي العروس في ليلتها, و من ثم رأيت أن أعاملك معاملة من وحي تلك الذكرى النادرة و على وقع ذاك الخيال الرائع, ثم سلمني وردة أقحوان من جيبه.أدركت حينئذ كم هو فنان عظيم زوجي هذا. إذاً, انتبهوا يا أخوان أوليست, فالزوجة بحاجة لأن نتلمس أوتارها بمثل هذه الرومانسية لتتجاوز هفواتها البسيطة؟ (إن وجددت)؛ بدلاً عن السب و اللعن و السخرية ؟! هذا خير تعبير عن الحب . و ختاماً لنا في رسول الله أسوة حسنة حيث كان يطوف بيوته التسعة فلا يجد في أحدها سوى كسرة خبز من شعير يابس مع الخل فيتذوقها برضا و هو يقول (ص) : "نعم الإدام الخل".
ودام الجميع في حب و سلام أبو حازم/ دفع الله الأمين حمد النيل *كن وردة عطرها حتى لسارقها *لا دمنة خبثها حتى لساقيها |
|