وكفى بالموت واعظاً..
إن لله ما أعطى وله ماأخذ.. لقد رحل خوجلي حسن دفع الله إلى رفيقه الأعلى أنشاء الله في عليين.. وتركنا ميتين لا يفرقنا عنه سوى مسألة وقت..
إلى الله نشــكو قــسوة في قلوبنا ******* وفي كل يوم واعظ الموت ينـدب هذه صوره مؤثره ليس لغرض..إثارة الرعب إنما ....التنبيه ....إلى ....الخطر والاستعداد للأمر ...وتجهيز الراحلة ...وتخيل المصير لتلين قلبك القاسي.
القبر مخيف من الخارج ....فعلآ لكنه,و قد يكون أيضآ....روضة وجنة من الداخل الموت !!كلمةٌ ترتجُ لها القلوب ، وتقشعر منها الجلود ،
ما ذُكر في قوم إلا ملكتهم الخشية ، وأخذتهم العَبرة ،وأحسوا بالتفريط وشعروا بالتقصير فندموا على ما مضى ، وأنابوا إلى ربهم.كان عمر بن عبد العزيز أميرا من أمراء الدولة الأموية يغير الثوب في اليوم أكثر من مرة وعنده المال والخدم والقصور والمطاعم والمشارب وكل ما اشتهى وكل ما طلب
وكل ما تمنى. فلما تولى الخلافة وتقلد ملك الأمة الإسلامية انسلخ من ذلك كله لأنه ذكر أول ليلة في القبرحيث اللحظة الأخيرة ,لحظة الوداع لكل ما في الدنيا من متع ومتاع،وأموال وضياع، وأهل وأتباع.وتذكر هذه اللحظة والتفكر فيها يدعو إلى الزهد في الدنيا، والإقبال على الله بكل الجوارح.ومن غفل عن هذه اللحظة أو نسيها عوقب وتضرر.
سبحان الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء.
فإن الموت آت لا ريب فيه لكنه لا يأتي إلا بغتة ، ويقين لا شك فيه وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34].
مصيبة الموت عبرة:
قال الإمام القرطبي: "قال علماؤنا: قوله عليه السلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ،
أنفاس معدودة: عن ابن مسعود قال: خط النبي خطا مربعاً، وخط خطا في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: { هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أوقد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا } [البخاري]. وقال القرطبي: ( وأجمعت الأمة على أن الموت ليس له سن معلوم، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وذلك ليكون المرء على أهبة من ذلك، مستعداً لذلك ). نقول هذا لمَن الموت طالبه.. والقبر بيته.. والتراب فراشه.. والدود أنيسه. فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهاذماً للذات، وقاطعاً للأمنيات. ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]، هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ [القصص:77]، أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.
الأسباب الباعثة على ذكر الموت: زيارة القبور، قال النبي : { زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة } [أحمد وأبو داود وصححه الألباني]. 2 زيارة مغاسل الأموات ورؤية الموتى حين يغسلون. 3 مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة. 4 تشييع الجنائز والصلاة عليها وحضور دفنها. 5- الشيب والمرض، فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد. 6الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيراً لعباده بالموت والقدوم عليه سبحانه كالزلازل والبراكين والفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف المدمرة.
سكرات الموت وشدته : إن للموت ألماً لا يعلمه إلا الذي يعالجه ويذوقه، فالميت ينقطع صوته، وتضعف قوته عن الصياح لشدة الألم والكرب على القلب، فإن الموت قد هد كل جزء من أجزاء البدن، وأضعف كل جوارحه، فلم يترك له قوة للاستغاثة أما العقل فقد غشيته وسوسة، وأما اللسان فقد أبكمه، وأما الأطراف فقد أضعفها، ويود لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح، ولكنه لا يقدر على ذلك، فإن بقيت له قوة سمع له عند نزع الروح وجذبها خوار وغرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه، وأزبد، ولكل عضو من أعضائه سكرة بعد سكرة، وكربة بعد كربة، حتى تبلغ روحه إلى الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها، وتحيط به الحسرة والندامة إن كان من الخاسرين، أو الفرح والسرور إن كان من المتقين. فيا كثير السيئات غداً ترى عملك، ويا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك؟ أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك؟ أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك؟ واعجبا لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك!! أين فطنتك ويقظتك وتدبير عقلك؟ أما بارزت بالقبيح فأين الحزن؟ أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن؟ ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن، وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن. قال يزيد بن تميم: ( من لم يردعه الموت والقرآن، ثم تناطحت عنده الجبال لم يرتدع!! ).
رسل ملك الموت :ورد في بعض الأخبار أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت: أما لك رسول تقدمه بين يديك، ليكون الناس على حذر منك؟ قال: نعم، لي والله رسل كثيرة: من الإعلال، والأمراض، والشيب، والهموم، وتغير السمع والبصر. وفي صحيح البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: { أعذر الله إلى امرئ بلغة ستين سنة }.
صور من سوء الخاتمة:قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة. وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدارالفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
صور من حسن الخاتمة :قال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت: يا أبت! قل لا إله إلا الله. فقال: يا بني، خل عني، فإني في وردي السادس أو السابع!! وسمع عامر بن عبدالله المؤذن وهو في مرض الموت فقال: خذوا بيدي إلى المسجد فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع ركعة ثم مات رحمة الله.