[size=18]حنتوب واخواتها ..فراديس مفقودة ؟؟
لاأخجل بل حق لي الفخر لأذيع سراً لأول مرة بأنني واحدة من مخرجات حنتوب, تلك (الحبلى)التي أنجبت من قبلي أجيالاً عريقة وذائعة الصيت و (طيشاً) دانت له أعناق الأوائل والعباقرة في (قارة) مثل بلادي؛ ثم علمت بأنها ماتت واقفة؛ شأن غيرها!!!
بعد مضي 57 عاماً هي عمر حنتوب الثانوية 43 -1910م يقول عمنا محمد محمود (أشهر صول):إنها مُتجذرة في ذاكرة الوجدان الشعبي. هذا يثير فى نفسى كوامن الشجن ويشعل جذوة الحنين للزمن القديم! ومن من( أبناء حنتوب) لاتحركه تلك الذكريات في محطة لم تكن عابرة بل نقطة تحول تشكلت منها ملامح الهوى والهوية. و لمن لم يعش مثل أيام حنتوب فقد فاته شيئ كثير لا يعوض إلا بضريبة غاليه..هكذا علمتنى السنون اللاحقه. كم أذكر من حكايا و مواقف و جوقة من أسماء في حياتي هي مفخرة لسيرة ذاتي, نفر كنت حيث كانوا ثم خرجوا للدنيا يصنعون الأحداث الجسام فى بلادي .
على قناعه بأن هنالك من هو أجدر منى بالكتابة عن حنتوب, مع أختيها (وادى سيدنا وخورطقت) خاصة وأن غربتي لعقود طويله قد حالت دون متابعة التوثيق و وأدت رغبة المشاركة فى حمالة بحجم جبال راسيات بتلك القامة..وما يغص في حلقي الآن أن تجد حنتوب وأخواتها قد محيت من ذاكرة الوطن و خبا فيها (بعد التماع)سنا الإبداع و كانت ذات يوم في منازل القمر.
قلت هذا حين شاهدت في تلفزيون مصر بعثةً تنقب عن هرم جديد يعود لأربعة آلاف سنه تم اكتشافه وهم لاتنقصهم أهرامات ولكنها المكابدة لإشباع شقفهم بإحياء القديم. فاذا كانت حنتوب و أخواتها من رموز مجدناأالحاضر فلماذا حثونا التراب عليها حتى ولو كانت لدينا أهرامات اخرى جديده فهى لن تغنى عن تراثنا الذى ما ضاقت به أرض المليون ميل مربع لو أردنا تحويله إلى موقع آخر لن يضيق به المكان (ولكن أحلام الرجال تضيق)
هنا تساؤلان مهمان:
1( لم لم يتم التوثيق بصورة شاملة للأخوات الثلاث حتى الآن?. إنه دين في ذمة أبنائهن, من سادوا منهم ومن بادوا!
2( ما بالنا ندع تلك العلامات الفارقة تندثر في حين تنبت العشرات من أشباح جامعات ذات مستوى ثانوي (دون العالي جداً)
بعد أن تخلص ثوار مايو من السادة ومجالس السيادة وسيادة الوفادة والرفادة جمعتهم جلسة في مزعة ل(ود الناظر)، السيد إبراهيم منعم منصور ببترى. زمرة من دفعة 1951م تلاقوا هناك للسمر ونبش الاشجان ودفن الاحزان ولعق شطائر الذكريات. بينهم جعفر نميري الهارب من القراية ام دق؛ ليدق بسياطه ظهور الأحرار؛ وحسن الترابي (ناسك متحوصل في صومعة الأنزواء)؛ قبل أن يستأسد ليدلق محتويات الطاولة على رؤوس الرفاق ؛ثم ومحمد إبراهيم نقد ذاك (المحيط المتجمد اليساري).
من عجائب المفارقات أنه في أربعينات القرن الماضي كانالسيد/ إسماعيل الأزهري يعمل معلماً بمدرسة أم درمان الأميرية ، ولمّا رأى المستعمر منه المشاكسة وشكل خطراً سياسياً، هددوا بنفيه إبى مدرسة حنتوب الوليدة فقأطلق الأزهري سخريته الشهيرة: (في حنتوب برضو مُش ح نتوب).
من أعلامها جعفر نميريومحمد إبراهيم نقد.ثم الترابي وعبدالله زكريا (عراب الكتاب الأخضر.)
عن حسن الترابي في حنتوب، يقال أنه أنبه وأذكي وأنحب طالب يمر عليها. كان يحفظ القصيدة الطويلة جدا بتلات قريات. (كان أشطر زول.. وجنَّو صلاة!!). لم يكن الترابي إسلامياً ولا سياسياً، والحركة الاسلامية في حنتوب قامت على جهد عبد الله زكريا وجعفر شيخ إدريس. كانا يجمعان الطلاب ليلاً أمام رتينة مستلفة من قهوة هباني المجاورة في إطار حملة لتجيند الطلاب للحركة الاسلامية. وعندما سئل الشيوعيون عن نشاطهم قالوا بجهالة: يكفي أن متحدثهم جعفر شيخ إدريس، الذي اعتبروه واجهة سيئة للاسلام ؛ في إشارة خبيثة لعرج في إحدى رجليه.
في العام 1973م طلبت لجنة الاحتفال باليوبل الفضي لحنتوب من جميع خريجى المدرسة تشريف المدرسة، فحضر الرئيس وقتها جعفر نميري وعندما دخل الى (الغرفة العامة) لداخلية أبو عنجة التى كان يرأسها ، طلب منه أحدهم أن يعطي الأمان لـ (نقد) الذي كان في واحدة من نوبات بياته الشتوي، فلما أعطوه الأمان. خرج الرفيق محمد إبراهيم نقد من مخبأه و حضر الاحتفال و شارك بإدارة المباراة الودية كمساعد أول للحكم ونميري لاعب. من طرائف ذلك اللقاء أنه وعند استلام نميري الكرة بصدره وقبل أن يسجل هدفه، كان نقد يرفع رايته و لكن الحكم لم ينتبه له حتى أحرز نميري الهدف، فحضر حكم المبارة إليه فقال نقد: الراجل دا سارق..! لكنه الحكم لم يأخذ برأيه واحتسب الهدف، فالتفت نقد إلى جمهور المسطبة المغطاة باللبخ وقال ساخراً: هذه لا تخلو من المكر السياسي؛ حتى حكام الزمن دا ما بسمعوا الكلام؟؟؟؟
في واحدة من زيارات نميري للندن قدمت له الملكة اليزابيث الدعوة لتناول وجبة الغداء وسمحت له بدعوة مواطنين انجليز، فدعى نميري المستر براون (ناظر حنتوب) الذي حين جاء أجهش بالبكاء في حضرة الملكة وضيفها الكبير. اعتبر الناظر تلك الدعوة بمثابة لحظة وفاء نادرة من تلميذ حفظ الود لمن كان علمه حرفاًrkred]].