خطبة الجمعة
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
في الحث علي الانفاق والاحسان
الخطبة الاولي
الحمد لله الذي وعد المنفقين أجرا عظيما وخلفا ، وأوعد الممسكين لأموالهم عن الخير عطبا وتلفا . وأشهد أن لا إله إلا هو الملك الجـواد ، الرءوف الرحيم بالعباد . وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، أفضل الرسل وخلاصة العباد ، اللهم صل وسلم وبارك على محمد ، وعلى آله وأصحابه ، أولي الفضل والعلم والانقياد . أما بعد : أيها الناس اتقوا الله حق تقواه ، وارحموا عباده تفوزوا بثوابه ورضاه ، قال تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} وقال صلي الله عليه وسلم { ينزل كل صباح يوم ملكان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا } أيها الغني الذي عنده فضل من رزقه وماله : عد على أخيك المعدم وترفق لحاله ، فالراحمون يرحمهم الرحمن . { ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السـماء } ارحموا إخوانكم الفقراء المعدمين ارحموا أناسا أصابهم الجهد والفقر والضراء يرحمكم الرحمن في حالة السراء والضراء . أيها المؤمنون : ألا تثقون بوعد من لا يخلف الميعاد ، ومن ليس لخيره وفضله نقص ولا نفاد ، فإن الله وعد على الإنفاق الأجر ومضاعفة الثواب ، ومدافعة البلايا والنقم والعذاب والخلف العاجل في المال والبركة في الأعمال ، ووعد بفتح أبواب الرزق وصلاح الأحوال ، فكونوا بوعده واثقين ، وببره ومعروفه طامعين ، فالقليل من الإنفاق مع النية الصالحة يكون كثيرا ، ويدخر الله لصاحبه مغفرة وأجرا كبيرا ، قال صلي الله عليه وسلم { من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لأحدكم ، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل العظيم ، واتقوا النار ولو بشق تمرة } . ليتصدق أحدكم من درهمه من ديناره من صاع بره من صاع شعيره . كيف يشبع أحدنا وأخوه المسلم جائع ؟ ! كيف يتقلب أحدنا في نعيم الدنيا وأخوه معدم فاقد ؟ ! كيف يقيم احدنا الحفلات الراقصة الماجنة ويستأجر الصالات الفخيمة الغالية لذلك ، كيف يدفع احدنا الوفا مؤلفة ليسافر الي الشرق تارة والي الغرب اخري ، واخوانه يخر احدهم صريعا من الجوع ، كيف نبذر الاموال في غير وجوه الخير وقد نهي الله عن التبذير والاسراف وقرن صاحبه بالشيطان قال تعالي (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) بل كيف نكنز الاموال ولا ننفقها في سبيل الله وقد قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) أين أهل الرحمة والشفقة ؟ وأين من يقتحم العقبة ؟ { فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} لقد قست قلوبنا فما ينفع فيها وعظ ولا تذكير ، ولقد قلت رغبتنا في الخير فما يؤثر فيها تشويق ولا تحذير ، أين نحن من أهل الصدقة والإحسان ؟ الذين حنوا بما في قلوبهم من الرحمة على نوع الإنسان ! يسارعون إلى الخيرات وإخراج المخبوءات ! ويفرحون بالمال الذي يدفعون به الحاجات والضرورات ، ويتقربون بذلك إلى رب السماوات ، أولئك الذين يظلهم الله في ظله الظليل ، وأولئك الذين حازوا الأجر والثواب الجزيل ، وسلموا من العقاب والعذاب الوبيل ، فليبشروا بالخلف العاجل من المولى الجليل ، وبالبركة في أعمالهم ، وأعـمارهم وأرزاقهم ، والخير الجميل ، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورٍلِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا .
الخطبة الثانية :.
الحمد لله رب العالمين ، واشهد ان لا اله الله ولي الصالحين ، واشهد ان حبيبنا وعظيمنا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه اجمعين .
اما بعد ايها المسلمون عباد الله :
فاتقوا الله حق التقوي ، واعلموا ان الله امر بانفاق هذا المال في وجوه الخير والبر ووعد المنفقين بالخلف الجزيل والاجر العظيم ، فأحسنوا يا عباد الله الي اخوانكم واعلموا ان كثيرا منهم لا يجدون ما يسدون به رمقهم او ما يسترون به عوراتهم ، ان اخوانكم في شتي انحاء العالم الاسلامي يحتاجون الي عونكم قد دمرت بيوتهم وشردتهم الامطار في باكستان والشتاء سيحل عما قريب واخوانكم في افغانستان تتجمد اطرافهم من شدة البرد ويقف الدم فلا يجري في اطرافهم من شدة البرد وقد تقطع اطراف كثير منهم وهم كذلك يحتاجون الي وقوفكم بجانبهم في الصومال والعراق وفلسطين والسودان ، واعلموا ان هذه الاموال التي رزقكم الله اياها انما يكون قيدها بالشكر (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) فاحمدوا الله ان وسع عليكم في ارزاقكم واسالوه ان يحفظ عليكم نعمته من الزوال وقلة البركة . واعلموا ان الله خيره واسع وخزائنة لا تنفد (مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا» اللهم إنا نسألك أن تجعل صلواتك وتسليماتك وبركاتك على حبيبك ورسولك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه اجمعين ، اللهم اغفر لنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انك سميع قريب مجيب الدعوات ، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وارحمنا برحمة من عندك تغنينا بها عن رحمة من سواك ، اللهم انزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم انزل علينا الغيث ولا تهلكنا بالسنين ، اللهم اجعل بفضلك هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وانصرنا علي من عادانا . اعوذ بالله من الشيطان الرجيم : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ عباد الله اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه علي وافر نعمه يزدكم واستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)