حرامي بكيات!!!

والله أني للأوفر حظاً بوجودى ليس فقط في منتدى و لكن في حواري العريجاء و زنقاتها و منذ زمن بعيد و كأني واحد من قاطنيها الأصلاء..تشعرني بأني إنسانها الذي تسدل عليه جفونها خشية أن يعلوني غبارالغفلة و النسيان..هي عرجاء وما بها عرج... بل إنها واحة غناء تتسع ليحيا على زعفران صعيدها الجميع بلااستثناء. شكراً لسعيكم . و إنني كلما اختلست الخطى إلى عمق هذا المنتدى لأجدن نفسي واحداً من تلك الوجوه العتيقة المتوارية المنكبة على عملها جماعات وأشتاتاً في حقن و وسوادرالحقول الوادعة والسرابات الشاربة من زرقة السحنات البسيطة. تلك النفوس الخارجة من زحامات ال"أنا و أنت" إلى براحات التلاقي مع و بين ظهراني العشيرة.هؤلاء محببون إلى قلبي وقد خبرتهم بأذني وعين البصرية بأناسها بطوناً وفخائذ (دحلاب , شوايقة ،محيناب، عرواب وعرماب)ظرفائها (حدباي وحوا رب النبي) وحتى ضيوفها.. ناس ود تمساح و طفت شعابها المخططة وتذوقت جلسات حالمات أثناء الظهيرة مع ناس ود حرحوف وشلة جريجير الشهيرة...
فأنا منكم وأنتم مني..
عذراً للإطالة وبوركتم أخواني وإلى الأمام معكم...
والآن دعني أبشرك بأننا خرجنا من هذا البلد و قد تأبطناه ألماً في الضلوع و بعد أن تلزمناه أملاً في الغد الواعد الذي ظل دهوراً يتراءى لنا كصورة مائية أو كسراب بقيعة يحبسبه الظمآن ماءاً حتى ذا دنا منه لم يجده شيئاً......
والآن تفضل معي إلى هذه الاستراحة في نفس السياق الذي بذأناه في مناسبات البكيات وآخر تقليعاتها :
و في إتكاءة بين حقيقة أن (الميت فقد روحو) و (ميتة وخراب ديار)، جلست شلة شابات صغيرات من ذوات الاسكيرتات المنزلقة (يزلقونها على أجسادهن بالصابون ) وذلك لضيقها الشديد و استحالة لبسها با (الدرب العديل)، و الموبايلات المتدلية من الاعناق أو مشبوكة على أحزمة الخصور الناحلة ..
تحلقن حول ركن الشاي والقهوة في بيت البكا،و ذلك لأشياء في نفس يعقوب منها:
1) فرصة جيدة للنقة بعيدا عن أعين الكبار ومجال واسع لتبادل البوح الشفيف.
2) ممارسةالخلط المباشر مع الشباب المكلفين بالخدمة وعلى عينك يا معزّيات وذلك تحت ستار من التغطية الأمنية المقنعة .
أنهمكن في حديث هامس و ضحكات وقد نسين رويحة المرحوم التي راحت. اقتربت الحاجة (فاطمة) من مجلسهن لتتكيء منفردة بفنجان بمزاج ولإراحة ظهرها الذي تعسّم من طول الشحطة (مكابرة لـ فردتها) زوجة المرحوم ..
ظلت الفتيات يتابعن حركتها في صمت حتى استقرت في رقدتها وحملت الفنجان في يدها وبدأت ترشف منه بتلذذ بضع رشفات بصوت مسموع، وعندما يئسّن من إمكانية مغادرتها للمكان في القريب العاجل، أصابهن الامتعاض لمقاطعتها جو الخصوصية الذي كن ينعمن به .. تبادلن الهمس ثم بدأ صوت احتجاجهن يتعالى فقالت إحداهن:
الجو ده كتم كدي مالو ؟!!
فجارتها أخرى:
خنقة شديدة !!
إنتبهت الحاجة (فاطمة) لمرادهن وأحست بالجرح فقامت من مرقدها وابتعدت وهي كسيرة الخاطر، تتمتم بكلمات الاستياء وقد إلتمعت دمعة كبيرة في عينيها، وقبل أن تغادر المكان وتبتعد إلتقت بها حاجة (رجبّية) و كانت تجيد قرض الشعر قرضاً لماً.. سألت (رجبّية) صديقتها (فاطمة) عن ما يضايقها، فحكت لها ما لاقته من مطاعنة و سوء معاملة بنات القهوة، فثارت (رجبّية) ووعدت صديقتها بأن تشفي غليلها ممن أساء إليها:
استني ليهن أنا ببكيهن ذي ما بكّنك بنات الـ .... !! (أطلقت شتيمة تطلقها الجلكينات على الشافعات)
تندو (رجبية) من مجلس البنات و تقف عند رؤسهن لتبدأ في الردحي (كطع أخضر):
اسمعن هيوووووووييييييييي ..هه .. يا الشح مطركن .... و يا القل مهركن......
هووووووييييييي هه يا.. يا العند رجالكن ...وشايلنكن اهلكن
مالكن يا البنات الصغار.. علي النسوان الكبار
يا أمات صغيراً ما بنشال ..
يا اأمات هدمن ما بنعار..
يا الديمة مكشوفات حال..
مالكن يا البنات الصغار ..علي النسوان الكبار
إن كنتن العسل ..هن النحل
وإن كنتن البلح... هن النخل
مالكن يا البنات الصغار ..علي النسوان الكبار..
وللمغسة أنو كل هذا العصف الذهني مر مرور الكرام على أضنين الشافاعت الصغار ولا واحدة ما فهمت منو ولا الدقعة.. ولعل هذه واحدة من فوائد الجهل، إن كانت له فوائد.
و قرأت عن شابة مددلة ممارضة لابيها ، قال لها الاطباء و كل افراد الاسرة أن المرض قد تخطى مرحلة العلاج، وأن كبر السن وشدة المرض خطيرة عليه فى الترحال ، فقاطعتهم قائلة:اصلاً انتو ما فاهمين قصدى يا ناس ،أنا قلت بدل من يقال توفى الفقيد بالخرطوم يقال توفى بلندن الوجيه.....، وسوف يعود الجثمان يوم كذا على الخطوط (الكذا). فاالشاهد و للأسف الشديد البوبار فى السودان بقى حاجة فظيعة جدا وأخر التقليعات الظاهرة اليومين دى خيمة كزام الفاخرة ودى بقوا يجيبوها فى بيوت البكيات وبتجى مقفلة بمكيفاتها والسيرفس بتاعتها جاهزة من مجاميعو.
اللهم رب فاطرالسماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة.. توفني مسلماً وألحقني بالصالحين