زائر زائر
| موضوع: السودان و الأربعون مليون حرامي الأربعاء 20 يناير 2010, 3:33 pm | |
| [size=12]
السودان والأربعون مليون حرامي يؤسفني ألا أجد مدخلاً غير هذا يناسب حالة التردي والتآكل التي ظللنا منذ قبل التاريخ و قبل أن يحفر البحر ولا نزال وسوف نستمر بصددها إلى أن يرث الله أرضه ومن عليها.. إنها جريمة محققة و تهمة ثابتة بقرائن دامغة تم كشفها و التبليغ عنها ضد مجاهيل منذ أزمنة سحيقة.. البيت المنكوب هو جمل جريح شايل السقا وعطشان.. بلد 1000.000ميلاً مربعاً تسع الجميع. ولا ينقصه شيء: تشقه شبكة من أنهر و روافد متحدرة من سلالات الفراديس وتهطل عليه وابل و طل شبه طوال العام و به أطياف من مناخات عديدة: غابات إستوائية و مدارية المطيرة وسافنا غنية وفقيرة وصحراء وبه عديد من مصادر للماء عذب ومالح؛ تليها خيران فوديان فسهول وجبال ورمال ففلوات ووهاد شاسعة. وأما المسروقات فلا تقدر بثمن مادي ولا معنوي وهي تشمل كافة الموارد الطبيعية والأثرية و الكفاءات البشرية والإنسانية والأخلاقية والأدبية التي يتم فيها لتهدرو تهرب محنطة زمصنقدة بلا رقيب ولا حسيب. أما اللصوص فهم الجميع.. أنا والآخرون هم الجحيم..لا استثني أحداً من حاضرين و لا سابقين و لاحقين..حتى القاصرين والصبيان والصبايا والرضع ومن سوف يولدون هم في الجرمم سواء.. ولو قدر لي أن استثني من هؤلاء فهو فقط العبد الفقير إلى الله .. وذلك ليس لانتفاء التهمة عني أو ثبوت براءتي من لطعة دم وجدت عالقة بي من قميص ابن يعقوب! بل ليس لسبب سوى لكوني أقف شاهد ملك على ما حدث ويحدث. يأتي في طليعة المتهمين الطبقة المتعلمة من من أبناء جيلي ومن سبقهم وانتفع بمجانية التعليم و التواكل على حساب أبوية الدولة.. نعم لا بد أن نعترف والاعتراف سيد الأدلة و هو أول خطوة صحيحة على طريق الانصلاح الشائك..ذنبنا وذنب من علمونا أننا اكتسبنا معلومات في مجالات شتى وتربينا على كل شيئ عدا شييء واحد وهام جداً هو التربية الوطنية..يلينا على لائحة الاتهام من يقال لهم الساسة والمتسلقة و القافزين بالزان و ركاب صهوات الخطب العصماء, والمتاجرين في أسواق النخاسة بأحلام الرعاع والدهماء.. ثم يليهم الرعاة و قبلهم الفلاحون (مشروع مخدر منذ 1925 ولا يجيدون سوى التزحزح من ضل إلى ضل ولعب السيجة والمنقلة) يليهم التجار والسمار والسماسرة و المداح والدراويش والقائمة طويلة والساقية لسة مدورة.
أرجوحة و زيت, عنوان لفلم وثائقي شاهدته على شاشتنا(المحتشمة. فاتني اسم المخرج و لم أشاهد سوى لقطة واحدة كافية, لخصت لي فكرة السينارست/عبد العزيز في عدة مفردات ,غير أنها اطلقت العنان لحفيظتي لتثور و تستدعي أفواجاً من هموم بلادي.القصة مستوحاة من مناطق جبال النوبة. تألفت شخوصها من فتية يافعين ذوي سواعد سمراء تقبل على الغلة من حبوب السمسم و الفول, تنظفها و تلقمها لإناء خشبي فاغر فاه (فندك),أظنه نحت من التبلدي, ومحشور فيه يد هون (زند) غليظة من الخشب متصلة بمجموعة هائلة من كتل و خوابير تراكبت جميعها لتصنع لنا آلية بدائية متكاملة تعلقت برقبة جمل عصارة جعل يجرها و يدور حول نفسه (كشحيح ضاع في الوحل خاتمه.
العصارة طبعاً مصدر رزق كفاف لأناس غبش غلابة لا يملك أحدهم قوت يومه ولا يبيت آمنا في سربه. لكنها تبدو لوحة بانوراما فولكورية آسرة لواحد شبعان ترعان قادم من وادي عبقر و قال جاي يتفسح في فجاج ما سمع أهلها قط بأن التفسح بات صناعة وتجارة داعمة بقوة للناتج القومي؛ ومدعومة بأشياء خادشة للحياء , اللهم إني صائم.
لقد حز في نفسي و غص في كبدي ككل مرة وتقهقرت بي الذاكرة زهاء ثلاثين سنة عندما زارنا في ريف الجزيرة وفد من نظرائنا الفلاحين من براري كندا. سلكوا إلينا طريق الخرطوم - مدني . و قد ذهلوا حقاً لما تجمع أمام ناظرهم من كل الأضاد؛ و هم يشاهدون سليل الفراديس النيل يشق عباب الوهاد و على ضفتيه رمم لبهائم نافقة من الجوع والعطش. توقع هؤلاء حضارة وعمران يناطح السحاب؛ و لعلهم منوا النفس بغابات من جنان الفاكهة المدارية تحملها قنوان دانية قطوفها على جانبي الطريق.لكنهم صدموا وعادوا أدراجهم محبطين. حالهم حال كل زائر لبلدنا من بلاد عرفت كيف تكرم الضيف على طريقتها الخاصة و كيف تحتحت جيوبه برضاه, و لو كانت واقعة في عز الربع الخالي. أذكرشركة صيينية جلبها الرئيس ألاسبق جعفر نميري لبناء طريق مدني القضارف ماراً بشريط من قرانا بالشرق. فكان أهل القرى يهربون المواد لبيوتهم أو للبيع؛ فلما رآهم الحارس الصني تعجب وسخر من أمة تسرق نفسها.
نحن قوم نعيش التناقض بحذافيره؛ و إلا قل لي بربك كيف تجتمع لدينا شبكة من الأنيال(المنيلة) و نفشل في محاربة العطش؟ ما الرأي بنفرات زراعية ورغيفنا الأغلى في العالم. و طفرات تعليمية مع وجود فاقد تربوي؛ ناهيك عن أمية مقنعة. ثم كيف لنا أن نشتهر بسمتنا السمح الأصيل و الاحتراب ضارب أطنابه في كل أركاننا؟. ثم كيف و كيف لشعب ملهم للثوار مثلنا و لا يظفر في تاريخه برجل واحد يقسم بالسوية و يعدل في القضية و يخرج في السرية.
سمعت أن صمغنا العربي لم يعد ماركة مسجلة باسم السودان, لعله يسرق و يعاد تصديره من موانئ أخرى يسأل عنها من يعرفها. وأما الذي رأته أم عيني فسلعة تسمى (بلح سكوتي مصري) تباع في الخليج بأسعار فلكية بعد تعبئتها بورق سوليفان ناعم خمس نجوم. فلما أرغيت وأزبدت وسألت: ألا يستحي هولاء الفراعن دي السكوت قبيلة نوبية سودانية معروفة (يعني حرامية وكمان بجاحة؟). رد علي زبون قطري ببرودتستاهلون).وأردف بائع مصري:أنت زعلان ليه ياابن النيل ,داحنا أقرب لكو ..وبرضك يعني ما راحتش بعيد. تصور!!!
أبو حازم/ الدوحة في 20/1/2010
[/size] |
|
Ismail
عدد المساهمات : 2548 تاريخ التسجيل : 05/02/2008 العمر : 44 الموقع : aykabulbul@gmail
| موضوع: رد: السودان و الأربعون مليون حرامي الأربعاء 20 يناير 2010, 6:37 pm | |
| لله درك يا أبا حازم وأنت تنثر الدرر اليتيمة في أرجاء هذا المنتدى... وتندب مع كل الأحرار والخلص من أبناء هذا البلد القارة أزمة الضمير، وانعدام الحس الوطني، في بلد لم يعد لها وجيع!!! | |
|