مصرع حمد ود جار النبي (نهاية رجل شجاع)

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام رواد منتديات العريجاء من أعضاء وزوار ومتصفحين... إليكم هذه القصة البطولية، وهي قصة مصرع الأمير حمد ود جار النبي، الذي كان أحد أمراء المهدية، وزعيم الكواهلة وشيخهم، وقد نشرتها في شبكة قبيلة الكواهلة منذ زمن ليس بالقريب، ولكني أحببت أن أعيد نشرها هنا ليطلع عليها أهلنا ناس العريجاء، وأهدي هذه الملحمة البطولية بصفة خاصة لابننا عضو المنبر الجديد، العروابي السكرانابي الأصيل، حفيد ملك الدار ود جار النبي، ملك الدار موسى ملك الدار...

وترقبوا قريباً - بمشيئة الله تعالى - قصة جدنا الفارس المغوار، والأسد الغضنفر، أُمْحَد علي ود رحمة ود عتمان ود رحمة (أب تلوشة – كجول في بطن زول)..

****************************************************************

مصرع حمد ود جار النبي (نهاية رجل شجاع)
بقلم اِسماعيل العروابى

مقدمة:
سوف أحاول سرد هذه القصة كما سمعناها من أهلنا الكبار، منقولة (بالتواتر)، فهم يتداولونها جيلاً عن جيل، ويروونها كابراً عن كابر – لدرجة أننا قد حفظناها ونحن صغار دون أن نعي معاني بعض مفرداتها – وأنا لا ابتغي بذلك إثارة أي نعرة قبلية أو عصبية عنصرية، ولكنني أروي تاريخاً سمعته من الآباء والأجداد والأمهات والحبُّوبات.... وأنا لا أنحدر مباشرة من سلالة حمد ود جار النبي، ولكنني أنتمي إلى نفس القبيلة (الكواهلة العرواب)، فإن تكرم أحد أحفاد ود جار النبي بتصحيح بعض هذه المعلومات، أو الإضافة عليها لكان ذلك طيباً.

من هو بطل هذه القصة:
حمد ود جار النبي هو سيد عشيرة العرواب من أهلنا الكواهلة وشيخهم وفارسهم، وقد عاش إبان فترة حكم خليفة المهدي (الخليفة عبد الله التعايشي) في بلدة ود جار النبي، الواقعة على الضفة الشرقية للنيل الأبيض، قريباً من جبل الأولياء، والتي كانت ولا زالت هي والقرى المجاورة لها تمثل معقل أهلنا العرواب وموطنهم الأصلي. وقد شنقه خليفة المهدي صبيحة يوم الثلاثاء؛ 10 صفر 1309هـ، الموافق 10 سبتمبر 1891م. وأهلنا يروون في قصة مقتله ملحمة بطولية غاية في الإبهار.

حمد العرقبو:
يقول أهلنا أن حمد ود جار النبي اختلف مع خليفة المهدي حول مسألةٍ ما، فانتهره الخليفة أو شتمه، فما كان من ود جار النبي إلا أن رد عليه قائلاً: ( بتنهرني إتَّ آ ود أم كنفوس) ؟!، والكَنْفُوس - بكاف مفتوحة، ونون ساكنة - هو (نكس) تلبسه الخدم (الإماء)... فغضب الخليفة وأمر بشنقه... وفي اليوم المحدد اقتاده جنود الخليفة من محبسه إلى مكان المشنقة، وكان الخليفة يسير معهم، وكان في مشية حمد ود جار النبي نوع من (القَدْلة)، فاغتاظ الخليفة من هذه القدلة، وأمر جنوده أن يعقروا ود جار النبي ويعرقبوه، فقاموا على الفور بقطع عراقيبه، كما يفعل الجزارون بالثور الهائج – لذلك كان يسميه أهلنا (حمد العرقبو) – ... ولكنه ظل يواصل مشيته بنفس القدلة، وقد امتلأ مركوبه بالدماء، وهو يفشخ في مشيته شخ شخ... ثم التفت إلى الخليفة قائلاً: (كدي أعقب بي ورا آ ود أم كنفوس؛ شوف التور فيهو ضَلْعَة ؟!).

حمد كسَّار المشانق:
كانت المشانق تصنع من أخشاب مستخرجة من جذوع بعض الأشجار الصلبة بالإضافة إلى الحبال... وكان عندهم عرف سائد بأن المشنوق الذي يستطيع أن يكسر المشنقة أو يقطع حبلها بقوته الذاتية، قد أنقذ نفسه وحررها من القتل، فيطلقون سراحه على الفور....

أُحضِر حمد ود جار النبي إلى المشنقة ووُضِع الحبل حول عنقه، وكان رجلاً جسيماً قوي البنية، وكان الخليفة موجوداً وجنوده يملأون المكان. وكان المقبول شقيق حمد موجوداً، بالإضافة إلى بعض أبناء عمومته، وكان من ضمن الحضور (خادم) عجوز هي دادة حمد وجارية أبيه جار النبي، وكانت شاعرة....

فلما وضع حبل المشنقة حول عنق حمد ود جار النبي صاحت هذه الخادم العجوز منشدة:

ما بدورك تركب حمارك تلجِّن الحلُّول
وبدورك في يومـاً فيهو الخلِق بتجول
تيرابـك عديـل من أمــك مــو منسـول
وسيفك بياخـد الخـودة وبقِسْـم الزول

والمعنى أنني لم أعدَّك لجمع العشور والقطعان وخلافها من الجبايات التي تجبي من أهل القرى، ولكنني أعددتك ليوم أسود يضطرب فيه الناس ويحتار دليلهم...

فلما سمع حمد هذا الشعر تحمَّس و(هاش) وصاح: (هُبْ أنا حمد؛ أنا كسَّار عاشِم)... كَعْ كسر المشنقة....

فقاموا بإطلاق سراحه على الفور لأنه كسر المشنقة وخلَّص نفسه من القتل (حسب العرف السائد)... ولكنه بعد إطلاق سراحه التفت نحو الخليفة وخاطبه قائلاً: (آها إن سوَّتْ ليك آ ود أم كنفوس)... فأمر الخليفة بإعادته مرة أخرى إلى المشنقة... كما صدرت الأوامر بتكسير (خشم) الشاعرة العجوز، لكي لا تثير حماسته بشعرها... ولكنها بما تبقى لها من أسنان ولسان صاحت منشدة:

ما بدورك تركب حمارك تلجِّن الحلّال
وبدورك في يوماً فيهو الخلِق تنجـال
تيرابـك عديـل من أمـك مو بطَّـــــــال
وسيفك بياخـد الخودة وبقسِّم الأفقـار

ومرة أخرى كان لهذا الشعر فعل السحر في نفس حمد، فتحمَّس و(هاش) وصاح: (هُبْ أنا حمد؛ أنا كسَّار عاشِم)... وللمرة الثانية؛ كَعْ كسر المشنقة....

فأطلقوا سراحه... ولكنه التفت إلى خليفة المهدي مجدداً وخاطبه: (آها إن سوَّتْ ليك آ ود أم كنفوس)... فصدرت الأوامر بإعادته إلى المشنقة وصدرت معها أوامر مشدَّدة بتهشيم خشم الخادم العجوز... فهشَّموا فمها حتى أصبحت عاجزة تماماً عن النطق، ثم وُضِع الحبل حول عنق حمد ود جار النبي، وجُذبت المشنقة فقصمت عنقه، ولفظ أنفاسه الأخيرة .... وفي هذه اللحظة اهتاج أخوه المقبول، واخترط سيفه، وأغار جواده نحو جنود الخليفة... ولكن العقلاء من أبناء عمومته نصحوه بأن يتعقَّل، وقالوا له: (ماذا ستفعل وأنت رجل واحد في مواجهة جيش دولة ... فلا تفجعنا فيك، كما فُجعنا في أخيك) ...

هذه هي قصة مصرع هذا الرجل الشجاع الذي كسر المشنقة مرتين... قبل أن يسلم الروح إلى بارئها، ويفارق الحياة.

عدد المساهمات : 226 تاريخ التسجيل : 27/10/2010

تشكر الاخ اسماعيل على هذه القصة التى هى قريبة من قصة جدك عبدالله وجاد الله كسار قلم مكميك (ماكمايكل)

فهو ايضا كاهلى اصيل

ا توسد تقيلتو انشاء الله ثابت اجرو

التحية لك يا الخال العروابى والتحيه لكل العرواب بالعريجا ومناطقهم بالسودان

رجل والرجال قلايل والله ليهو حق قبيلتو تفتخربو والله رجل زى داء حقو اعملو ليهو تمثال

عذة النفس وكرامة الانسان فوق كل شئ

االمحمدين الأفاضل: محمد نور الله ومحمد عنتر، مشاعل المنتدى المضيئة، أسعدني مروركما، الذي هو كمرور الغيث الهامع، والصيب النافع، لا يترك وراءه إلا ريحانة تهتز، وجدولاً يترقرق، ونسمة تتضوع مسكاً وكافورا...

بيني وبينكم أنا كنت زعلان من أعضاء المنتدى عشان ما فيهم واحد عبرني في موضوعي المطول عن جنية حاج الحسن، بعنوان: حكايات من العريجاء (جنية حاج الحسن، هل هي حقيقة أم أسطورة) المنشور في منتدى استراحة العريجاء، وكنت قايل موضوع حمد ود جار النبي ده برضو حيكون مصيره نفس مصير جنية حاج الحسن !!!

وبرضو ما شايف زول فيكم علق على ملحمة (أب تلوشة) التي ستبث قريباً إن شاء الله عل الشاشة البلورية!!!

كمان العروابي عضو المنتدى الجديد يغط في سبات عميق، وهناك عروابية أخرى هي ابنة عمته داليا كمال، فأمها هي ملهمة ملك الدار عبد الماجد دياب!!!