Ismail
عدد المساهمات : 2548 تاريخ التسجيل : 05/02/2008 العمر : 44 الموقع : aykabulbul@gmail
| موضوع: ليلة البحث عن كمال الكدك الثلاثاء 29 ديسمبر 2009, 7:31 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
ليلة البحث عن كمال الكدك هذه القصة حدثت عام 1965م، عندما كنا أنا وكمال الكدك في سنة أولى بمدرسة العريجا الأولية، وحينها لم يكن بدر الدين الكدك عضو هذا المنبر قد خرج إلى حيز الوجود!!!
في ذلك العام 1965م دخلنا المدرسة الأولية بالعريجاء، وكانت المدرسة مبنية من اللبن (الطوب الأخضر)، وكنا نجلس على بروش مفروشة على الأرض. وأذكر أنه كان معي في سنة أولى أزهري قسم الله، وكمال علي الكدك، وعبد المطلب محمد رحمة (الشهير بالفحل)، وحمدنا الله حسن علي. وكانت المدرسة تتكون من ثلاث فصول فقط، أولى وثانية وثالثة، وكان الأستاف يتكون من ثلاثة معلمين فقط، المدير إبراهيم بشير علي (من الكاملين)، وأستاذ إبراهيم المنا (من المناقل)، وأستاذ سعيد محمد أحمد (الدنقلاوي).
وكان لكمال الكدك صديق من قرية الرضيمة – أظنه عبدالله الشيخ إدريس – (إن لم تخني الذاكرة)، وفي يوم من الأيام دعى هذا الصديق كمال ليذهب معه إلى بيتهم في الرضيمة، فأبدى موافقته على الفور على هذه الدعوة الكريمة، وما كان منه إلا أن رافقه بعد نهاية الحصص إلى الرضيمة، دون أن يخبر أي أحد بذلك !! فلا الأسرة تعلم عن ذلك شيئاً، ولا المعلمون، ولا زملاؤه التلاميذ (اللهم إلا أبناء الرضيمة).
انطلق كمال برفقة صديقه، وسط كوكبة أبناء الرضيمة بعد نهاية اليوم الدراسي، متجهين شرقاً صوب قرية الرضيمة، وهي لا تبعد عن العريجاء بأكثر من 3 كلم... وكانوا يمشون على الأقدام (كداري)، وهم يتجاذبون أطراف الحديث، أثناء سيرهم بين الحقول الخضراء والخمائل الفيحاء. حتى وصلوا إلى تلك القرية الوادعة؛ التي تتكئ على (حمدون) وتتمدد باتجاه (الناير) ما بين جدول رقراق، وحقلٍ يهتز خضرةً ونُضرة:
يا أيكةً خضراءَ وارفةً تُسمَّى بالرضيمـة يا دُرةً هجعَتْ على (حمدونَ) لؤلؤةً يتيمة
وبعد نهاية اليوم الدراسي لم يعد كمال إلى منزل الأسرة، وطال انتظار الأسرة له، وبدأ القلق يدب إلى قلوب والديه وأخواته... سألوا عنه الجيران وبعض زملائه التلاميذ، وكذلك المعلمين بالمدرسة، ولكن لم يجدوا إجابة شافية لدى أي أحد. وأذكر جيداً كيف أن والدا كمال، الأخ/ على ود الكدك (عليه رحمة الله)، والأخت/ طيبة بت أحمد، قد جاءا إلىَّ في البيت عندما حل المساء يسألاني عن كمال، فأخبرتهم أن آخر مرة رأيته فيها عندما كنا في الفصل أثناء الحصة الثالثة (حصة الدين)... طوال تلك الليلة لم يغمض لود الكدك وزوجته جفن، وباتا بشرِّ ليلة، حتى أصبح الصباح...
أما كمال فقد استمتع ببقية يومه وليلته مع صديقه بالرضيمة، ينعم بحفاوة الترحاب، ودفء الاستقبال، وأريحية الكرم السوداني الأصيل... وبات ليلته تلك قرير العين هانيها حتى أصبح الصباح، وعاد برفقة صديقة والمجموعة الرضيمية الميمونة إلى قرية العريجاء، حيث يمموا صوب المدرسة، ولم يكن في مقدور كمال أن يتجه صوب منزلهم في ذلك الصباح... لأنه في ذلك الزمان من يتأخر عن الطابور الصباحي أو الحصة الأولى سوف يتعرض لأقسى أنواع العقوبة... و(يُضرب ضرب غرائب الإبل) كما كان مدرسونا يرددون دائماً...
أما والده المسكين، ود الكدك (عليه رحمة الله) فقد اضطر في ذلك اليوم أن يضحي (بالضحوة) التي كان يقضيها في العادة في العمل في (حوَّاشته)، وكل ذلك بسبب التصرف الطائش لابنه الأكبر الذي (هيَّف عليه ضحوته)!!!... انطلق على ود الكدك في الصباح إلى المدرسة ليجد ابنه كمال موجوداً بها، وهو في غاية الانشراح والحبور... (ولا على باله خالص ما حصل لأمه وأبوه طول الليل !!!)
| |
|