بسم الله الرحمن الرحيم
ما بتعشي ضيفك بملاح اللوبا
قبل يومين نظمت نمة رباعية في مدح أخي وحبيبي ورفيق طفولتي، ود الخالة (حسبو محمد أحمد الزين)، ولأن الموبايل بتاعو (سوداني) ولا يستقبل رسائل الموبايل؛ قمت بإرسالها إلى شقيقي عمر البشير، ليقوم بدوره بإرسالها إلى حسبو، فبادر الأخ/ عمر بمجاراتها بنمَّة أخرى في مدح ود الخالة حسبو، وقام بإرسال الرباعيتين معاً إلى حسبو، الذين كان حينها قد وصل القرية لتوِّه قادماً من أبو جبيهة، وعندما وصلته هاتان القصيدتان كانت بحضرته لجنة نصوص أدبية مكونة من أحمد نعيم، وأحمد ود البشير، وعلي موسى كرم الله. وبصراحة هؤلاء الثلاثة يعتبرون من جهابذة أهل القرية الذين لهم إلمام كبير بشعر الدوبيت، فهم يعرفون غثه من سمينه، ويميزون بين ركيكه وموزونه، ويقدرون على تقييم قوافيه ومضمونه. قام الأخ حسبو بقراءة الرباعيتين أمام مسامع هذه اللجنة الأدبية، وسألهم عن رأيهم وملاحظاتهم النقدية حول القصيدتين:ـ
رباعية إسماعيل
جميـع ناس البلد حبك سكن في قلوبا
وفي الليل البهيـم ما بتنبحـك كلُّوبا
الضيف البجيك، تضبحلو بقرة حلوبة
ما بتعشِّـيْ باللقمـة وملاح اللوبـا
**************
رباعية عمر
جميـع ناس البلد حبك سكن في فؤادا
وفي سنين المحل عارفاك مسـورا وزادا
ضيفك في الهجوع بِشبع ويشيل زُوَّادة
تسلم ياالبي إسمك كل الخلـق تتنادى
بعد استماع لجنة النصوص الأدبية للقصيدتين جاء رأيها النقدي مفضلاً رباعية الفاروق على رباعية أخيه الذبيح، حيث قالوا بالحرف الواحد: (إسماعيل اكتفى بإشباع الضيف في وجبة العشاء، أما عمر فبعد أن أشبعه في وجبة العشاء حمَّله (زُوَّادة) يتقوت بها أثناء سفره)... فرد عليهم حسبو قائلاً:ـ (إسماعيل صاحب القصيدة الأصلية وعمر إنما اكتفى بمجاراته في قصيدته، فهو كمهندس رسم خريطةً وجاء آخر فقلَّده فيها )!! يعني حسبو قال ليهم: (احذروا التقليد !!!)... لله درك يا أبْ أحمد وأنت تضع النقاط على الحروف.
وبما أن الشعراء أدرى بمسالك النقد من النقاد، فإنني أقول أن قصيدتي تتفوق على قصيدة شقيقي عمر في سلاسة موسيقاها، وعذوبة جرسها، وطرافة خاتمتها، وروعة قافيتها.... هذا بالإضافة إلى أنني لا أسلم لهذه اللجنة بقولها بل أرد عليهم بأنني ذكرت أن المدوح يذبح لضيفه بقرة حلوب، والبقرة تكفي الجماعة والركب، وليس الضيف الواحد، ويفضل من لحمها الكثير، الذي يمكن أن يأخذوه معهم كزاد للطريق. كما أن قول عمر: ( ضيفك في الهجوع بشبع)؛ يمكن بشبع بلقمة بملاح ( أم شعيفة ) ولَّا ملاح ( ود أب جرنقو )، وقوله: ( ويشيل زوَّادة ) ؛ يمكن دبليبة بايتة مقلوبة في مخلاية !!!! .
هذا بالإضافة إلى أن لفظة (فؤادا) في المقطع الأول من رباعية عمر تعتبر ثقيلة على اللسان، كما أن المقطع الأخير من رباعيته مختل مبنىً ومعنىً، فلا مفهوم لقوله (بإسمك كل الخلق تتنادى) !!!
وهذا لا يعني أن رباعية عمر لم تكن رائعة، بل هي من أجمل ما نظم من الشعر خلال الفترة الأخيرة، ولكن الذي يتتبع ما نتساجل به أنا وهو من شعر الدوباي؛ يلاحظ أن المقطع الأخير دائماً ما يكون أجمل ما في رباعياتي، بينما يعتبر المقطع الأخير أضعف ما في رباعياته !!