Ismail
عدد المساهمات : 2548 تاريخ التسجيل : 05/02/2008 العمر : 44 الموقع : aykabulbul@gmail
| موضوع: ود حجاج أمير شعراء الجزيرة الخضراء الأربعاء 21 أبريل 2010, 8:03 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
ود حجَّاج أمير شعراء الجزيرة الخضراء
اسمه على أحمد حجاج، وهو من أهل طابت، ومن عشيرة الخشوماب التي ينتمي إليها معظم سكان طابت الأصليين، بمن فيهم عائلة الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم، مؤسس طابت، وهي إحدى عشائر قبيلة الجموعية المعروفة، وقد اشتهرت عشيرة الخشوماب بكثرة الشعراء، حتى أصبح الشعر متوارثاً بينهم بكافة ألوانه وضروبه.
ولد ود حجاج في أوائل القرن العشرين، وتوفي في عقد الثمانينات من القرن الماضي وهو في العقد الثامن من عمره. وقد برع علي ود حجاج في نظم شعر الدوباي منذ شبابه الباكر، وطبقت شهرته الآفاق في أواسط القرن العشرين، بحيث أصبح الكثيرين من ناشئة الشعراء في منطقة الجزيرة والسودان الأوسط يرددون أشعاره ويحاولون تقليده في مذهبه الشعري الفريد، ومنهم شاعر العريجاء الكبير حوى النبي محمد صالح (أبو عوضية) الذي كان مفتوناً بأشعار ودحجاج منذ عهد صباه الباكر، ونحن نعتبره أحد تلاميذ هذا الشاعر الفحل. وهو الذي روى لنا كل ما نعرفه عن ود حجاح من أشعار وقصص ومساجلات.
وكأنَّ ود حجَّاج قد وهب حياته للشعر، فهو لم يتزوج طيلة حياته حتى وافته المنية وهو شيخ قد جاوز الخامسة والسبعين من العمر، ولم تكن له مهنة معروفة يتكسب منها سوى نظم الشعر وما يدره عليه من العطايا والهبات والهدايا.
وقد كان لود حجاج مذهبه الشعري الخاص، والذي اقتصر فيه على الغزل، والتغني بالبنات، مع ترصيع أشعاره بالكثير العبارات المستمدة من مفرزات الحضارة الحديثة. تأمل قوله يصف هذه الفتاة الصغيرة الحسناء:
العمـر تمانيـة، وبين تسعـة سنين العيـون كهـارب هوستن الجزلين الشلَّاخ عُدال زي ماركـة البوبلين والكرعين قلم كُبْيَـة، ومدادو متين
وقد عاش ود حجَّاج بين ربوع الجزيرة الخضراء، حين كان مشروع الجزيرة يعيش أزهى عصوره، فكانت الأرض عبارة عن بساط قشيب من المروج الخضراء المترامية على مدى الطرف. وكانت جداول الماء الرقراقة وقنواته الدفاقة في كل مكان. والنسمات الحالمة تجوب المكان، معانقةً أغصان النباتات الناضرة، وناشرةً عطر الزهور اليانعة، وماسحةً عرق الفلاحين الكادحين...
حيث الطبيـعـةُ منشـورٌ ملاءتُهـا *** على مَجـاليَ مفتـون بِهـا النَّظـرُ والسندسُ الأخضرُ الزَّاهي قد اتَّشحتْ *** به الخمـائل، والأستبـرقُ النَّضِـرُ
وبما أن البيئة لها تأثير كبير على الشعراء وشعرهم، فقد كان لهذه الطبيعة الساحرة، والأجواء الحالمة أثراً كبيراً في شعر ود حجاج، الذي جاء جله شعراً رومانسياً رقيقاً، مضمَّخاً بالعبارات الحضرية، ومرصَّعاً بمفرزات حياة المدينة، ومستجدات الحياة العصرية... تأمل قوله في الرباعية التالية:
يا ود حجَّـاج أوْعـاكْ الغـرام ما يغُشَّك أحسن ليكْ تختصِر، ترعى وتَرِكْ فوق عِشَّك ما دام طلَّـع فتيـل مايْقومتـو داير إرشَّك لابُدْ مِن قمـار دُرْجِيهـو ياكـل دُشَّـك
تأمل كيف وصف ود حجاج لعبة الضُّمَنة أو (الدومينوز) في هذه الرباعية، في عهدٍ كان أهلنا لا يتقنون غير لعبتي السيجة والمنقلة، وبالكاد كانوا يعرفون لعبة (الكشتينة)... حيث أن الدُّرْجي والدُّش من عناصر لعبة الضُّمَنة.
وقد جرت عادة شعراء الدوبيت في السودان أن تتراوح أشعارهم بين ثلاثة أغراض رئيسية، هي الغزل، ووصف الجمل، والفخر والحماسة... وهذه الأغراض الثلاثة تعتبر مرآة صادقة لحياة البداوة... أما الحياة التي عاشها ود حجاج بين أحضان المدينة، وفي منطقة اتسمت بحياة الرفاهية والأمن والاستقرار ... فليس هناك ما يدعو إلى نظم الشعر في أغراض الفروسية والحماسة، كما لم يكن للإبل أي وجود حقيقي في حياة الناس، فلم يتبق إلا الشعر الرقيق، والغزل العفيف.. وهذا هو الغرض الذي برع فيه ود حجاج، ووقف له حياته كلها. تأمل قوله يصف هذه الحسناء وتأمل رقة الألفاظ وعذوبتها وحلاوة الجرس الموسيقي مع النكهية الحضرية الواضحة:
أنْفَها دُردُم الدَّهـب المقايَس قصُّو ترمي بعيد، لحْظَـة حاجبا البِتْبُصُّو بُرِّيبْةً تَسُوف، قلب العشوق بتقصُّو تسْحَب بهْجَة القمر المقاسِـم نصُّو
ولم يتلق ود حجاج أي تعليم أكاديمي في حياته، بل كان رجلاً أمياً، ولكنه كان ينهل من إرث أدبي وثقافي ورثه من أهله الخشوماب، هذا بالإضافة إلى الموهبة الفطرية التي حباها الله تعالى بها. وكانت له مساجلات كثيرة مع عدد من شعراء المنطقة من أمثال علي ود دحالة من أهل الجزيرة، وأحمد ود أحمر عين من سكان النيل الأبيض.
نماذج من شعر علي ود حجاج:
الشتْـل المفرهـد وفي الجناين قـايم مِمَّـا شفتو ريشـات قلبي قالنْ دايم يا خالق الخلوق، البنهمـك ماك نايم قَلَب لَيْ فنُّو وِزِّين الدمـيرة العـايم **********************
أم بَسِيمْــةً للحَـزَن فكَّـاكــة جَدْيَة، ومُدْجِن الليل فوق قُصارا اتَّاكا فِلْوَة خيل دنقلا الفوق النحاس ركَّاكا كتلتني وكِتِلْتَ، الكركونا تسعة بُلاكا **********************
مكلوفـة خيول كرري التنسِّفي غازْرِك سِت ديساً كتير، لي عن مقاصْرِك فازرِك مكانِك حافظا تَبْ،عيِّل بيوت ما بهازرك عُشَّاقك كُبار، من درجة عُمَدْ لي ناظرك **********************
يا خـال الجنيد الدرعـا كيف شورتَّا مي خاتيـة علينا جينـا برانا في ساحتَّا بت الدوَّر الوادي أبْ عسـينـا شتَّى تلعـب دورا، مادام لاقيـة فينا غردتَّا **********************
الـدَّرْعــة الفـي مشيهـا تقيلـة لا رِكبَتْ عجلة ولا اتفسحت في نجيلة خـاوزني عقلي بعـد المنام أمشيـلا أصْلَهـا كهربـا وبتضرب البدنيـلا **********************
ما تِبْعَـتْ هواهـا وتكَّلَتْ كيعـانـا تمشي تتاتي من تُقْـل الرِّدِف وَحْلانـة تضحَـك تنبسط لمَّن تشوف ضيفـانا يا وزن الدقـون الكلمـتن مليـانـة **********************
دقيـت بابا قالت هَلْ بِتَطْلُب ديْنَـة قُتْ ليهـا عفواً يا سيدة دايرين عينة رجَعَتْ مني صـادَّة وبي كَلِمْتَنْ هينة زادت حُكمي سنتين، واعتقال البَيْنَة **********************
قدر ما أشوف لَيْ بريريباً معاهو خليل أخنق العبرة دمـع الحب براهو يسيل قصبة منصح الوادي السقاهـا السيل قدُر ما أطْـراها تطلق فِيَّا نار الويـل **********************
دقيـت بابا قالت هَلْ بِتَطْلُب ديْنَـة قُتْ ليهـا عفواً يا سيدة دايرين عينة رجَعَتْ مني صـادَّة وبي كَلِمْتَنْ هينة زادت حُكمي نجمـة، واعتقال البَيْنَة **********************
قطـع الكبري، والمحطَّـات فـاتِن ومسَـك الدريب، وادَّلَّى بحليلاتن وَكِـتْ بَذَّكَّـر حنيـن أُمَّـاتـن عيني والمنام يقـع الخصـام بيناتن **********************
| |
|