Ismail
عدد المساهمات : 2548 تاريخ التسجيل : 05/02/2008 العمر : 44 الموقع : aykabulbul@gmail
| موضوع: أمراء الدوبيت الثلاثة - 3 الثلاثاء 26 فبراير 2008, 2:26 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
أمراء شعر الدوبيت الثلاثة - (3) بعون الله نواصل ما بدأناه حول أمراء شعر الدوبيت أو الدوباي السوداني الثلاثة، وفي الحلقتين السابقين كنا قد ألقينا الضوء على شاعر الدوبيت الفحل؛ الحاردلو ود أب سن، ولسوف نتناول في هذه الحلقة طرفاً من أشعار وأخبار المحلق الحمراني، صاحب تاجوج، وأشهر من وصف بالعشف العذري في السودان، حتى أصبحت قصته شيئاً يشبه الأسطورة.
المحلَّق الحُمْراني (صاحب تاجوج):
هو أقدم الثلاثة، إذ عاش في منتصف القرن الثامن عشر تقريباً، في عهد السلطنة الزرقاء (سلطنة الفونج). اسمه المحلق ود علي، من فرسان قبيلة الحمران، وهي قبيلة عربية تعيش في أقصى شرق السودان، عند تخوم أثيوبيا وأريتريا، وتنتشر حول ضفاف نهر ستيت والفلوات المحيطة به، وعاصمتهم مدينة ود الحليو. والحمران قوم أهل رعي وزراعة وتجارة ولهم معرفة بأعمال الفروسية وصيد الوحوش الضارية.
نشأ المحلق بقرية عناتر التي تقع في شمال ديار الحمران، واشتهر بهيامه ببنت خاله وزوجته تاجوج بنت محمد ود علي الهاكين، أحد زعماء قبيلة الحمران، ونظم فيها جل شعره، إن لم يكن كله، وكانت حسناء بارعة الجمال، لا يزال يضرب المثل بجمالها في مختلف أصقاع السودان. وتعتبر قصة حبهما من أشهر قصص الغرام في الموروث الشعبي السوداني. والمعروف أن المحلق، لشدة إعجابه بزوجته تاجوج، طلب منها ذات يوم طلبأَ غريباً، وهو أن تتجرد تماماً من ثيابها ثم ترقص أمامه مقبلةً ومدبرةَ، وألح عليها في ذلك وشدد العزيمة، فوافقت بشرط أن يجيبها إلى طلب ستطلبه منه عقب تنفيذ رغبته. فوافق على ذلك ظناً منه أن طلبها لن يتعدى المال والحلي والأنعام، فطلبت الطلاق بعد أن حققت له ما أراد، واضطر هو لتلبية رغبتها أمام إصرارها. ثم سعى بعد ذلك لردها إلى عصمته، ولكن كل محاولاته في ذلك باءت بالفشل الذريع، فقضى بقية عمره في حالة تشبه حالة مجنون بني عامر، هائماً على وجهه، ذاهل اللب زائغ العقل، يتغنى باسم تاجوج، وينظم فيها روائع الأشعار. وكان محلق صاحب ملكة فنية فذة، وصوت رائع في الغناء، فصار يتغنى باسمها ليل نهار. وقد بذل أهله كل مرتخصٍ وغال من أجل علاجه من هذا الذهول، وجلبوا له الأطباء والبصراء والرقاة وأصحاب الملكات في مقارعة السحر ولكن كل ذلك لم يجد نفعاً. وقد انتهت هذه القصة نهاية مأساوية بموت المحلق حزناً على فراق زوجته وريحانة فؤاده، ثم بعد ذلك بحين موت تاجوج مقتولة بسيف أحد قطاع الطرق من قبيلة الهدندوة. نماذج من شعر المحلق:
بَـشِــــدْ واركـبْ على أب زرداَ مـــدانَــا مِــتِـــل وَدّ الأرايــلْ فـي الـبـطـــــــانَـــةْ نَِضـوِّقــــو مـن كريـكـــر اليـوم تــرانـا ونســاري الليـل على الخُــدّيــرْ فـلانــة ************* كضـبْ يـا ود جـويـل ماهــا السـمـيـنـة عـنـاق أم سـومــــري الخــدَّر عـسـيـنـا تسـوق الدِّيس علـى الرُّوبـة الدَّهــيـنـة وبـتـتـقـلَّــع تـقــول ماسـكــاهـا طـيـنــة ************* الناس بتلد الناس ساكت حسـادة وأمـك بتلـد الصيـد سمـح القلادة شعـراً بلا دايـوك هجـم الوسـادة وسِـنَّاً بلا مسـواك بـرق المَكـادة ************* كَرْ يا ديـك تصيـح ماك البـراك سهران ما شُفـت القبيـل مرقـت على الجـيـران الـصَّـــادق يـقــول: أريَـلْ مِـن الغُــزلان والكاضِـب يقـول: خِلْقَــتْ بلا مُصْــران ************* أنـا الجَـنـَب التـَّعـِـيـسْ ســوِّيـتـو بِـِيـدي وفي كلـمـــــــــة هِــزار قـلَّـلْ غَـمِــيــدي فِـويـطـْـــرات أم قَبـيـل مِلـْح الـرَّشـيـدي وتاجُـــوج مـا اتْلقـََـتْ يا خمْـلـــة زيـدي ************* أكتـب يا فكي ما تقـول مريـضـــك طـاب فكـرك انشغـــلْ، قلمـــك مـليــتــو تـراب محـزوزة الضميـر العاليـة في القُرقـاب كـل الشَّـافــا جـنَّ، وخـلَّـى دارو خــراب ************* بـشـِـــــــدْ وارْكَـبْ على ود أم حَــنــانـة وبَكْـرُبْـلـُـــو الغـُــرَدْ وارْخي الرُّســـانـة صعِــيـد طوكــر طِـريـتـو لهـيـج فـلانـة حـِســارا الفـي الضـمــيــر هــارد كِلانـا ************* بُـــوريــكَـــا فـَـــنـــُّـــو، بُـوريـكـا فـَــنـُّــو الـخـــيــل والــزَّمـِـــــــل مـا بـِلْـحـَـقـَـنـُّـو يـمَـحـِّــق فـي الـدَّرب حـــالاتـُــو جَــنـُّـو شَـيُـوم الرَّايقـــة في الحُمْــران مـظـنـُّو ************* من أشعار المحلق التي جرت في الناس مجرى المثل وأصـبـح يرددها الكبير والصغير، قوله: راقِـدْ رُقـادَ الدِّيـك فوق الحِـبـِلْ عيشـةً بلا تاجـوج ما بتنْحَمِــلْ *************
إسماعيل البشير | |
|