الفردوس المفقود
لمحمد أحمد محجوب
(الاندلس)
محمد أحمد محجوب
* ولد فى 17 مايو 1908 بالدويم - وسط السودان
* تخرج فى كلية غردون التذكارية- جامعة الخرطوم - مهندسا مدنيا عام 1929 وعمل مهندسا بمصلحة الاشغال العامة ثم عاد لدراسة القانون
* عمل قاضيا حتى عام 1936م وقدم إستقالته آنذاك ليتفرغ للعمل السياسى من أجل إستقلال السودان.
إشتغل بالمحاماة منذ عام 1947 وحتى وفاته الا فى الفترات التى تقلد فيها مناصب وزارية
* أختير وزيرا للخارجية مرة فى يوليو عام 1956م ومرة أخرى بعد ثورة أكتوبر1964 التى أطاحت بالحكم العسكرى الأول
* أنتخب رئيسا للوزراء فى يونيو عام 1965م
* ثم مرة أخرى فى مايو 1967 وحتى مايو 1969م عندما أطاح إنقلاب عسكرى بالحكومة الديمقراطية
*قضى فترات فى المنفى الاجبارى بالجنوب إبان الحكم العسكرى الثانى وثم المنفى الاختيارى بلندن حيث ادركته المنية عام 1969
* صدر له من المؤلفات: (قلب وتجارب) ، (نحو الغد) ، (مسبحتى ودنى) ، (وموت دنيا)، و(الديمقراطية فى الميزان)
زار المحجوب اسبانيا - الاندلس - ابان فترة رئاسته للوزراء فكتب هذه القصيدة:
نزلت شطك بعد البين ولهانا *** فذقت فيك من التبريح ألوانا
وسرت فيك غريباً ضل سامره *** داراً وشوقاً وأحباباً و إخوانا
فلا اللسان لسان العرب نعرفه *** ولا الزمان كما كنا وما كانا
ولا الخمائل تشجينا بلابلها *** ولا النخيل سقاه الطل يلقانا
ولا المساجد يسعى فى مآذنها *** مع العشيات صوت الله ريانا
كم فارس فيك أوفى المجد شرعته *** وأورد الخيل وديانا وشطآنا
وشاد للعرب أمجاداً مؤثلة *** دانت لسطوته الدنيا وما دانا
وهلهل الشعر رقراقاً مقاطعه *** وفجر الروض أطيافاً وألحانا
يسعى إلى الله فى محرابه ورعاً *** وللجمال يمد الروح قربانا
لم يبق منك سوى ذكرى تؤرقنا *** وغير دار هوى أصغت لنجوانا
أكاد أسمع فيها همس واجفة *** من الرقيب تمنى طيب لقيانا
الله أكبر هذا الحسن أعرفه *** ريان يضحك أعطافاً وأجفانا
أثار فىَّ شجوناً كنت أكتمها *** عفَّاً وأذكر وادى النيل هيمانا
فللعيون جمال سحره قدر *** وللقدود إباء يفضح البانا
فتلك دعد سواد الشعر كللها *** أختى لقيتك بعد الهجر أزمانا
أختى لقيتك لكن أين سامرنا *** فى السالفات فهذا البعد أشقانا
أختى لقيت ولكن ليس تعرفنى *** فقد تباعد بعد القرب حيَّانا
طفنا بقرطبة الفيحاء نسألها *** عن الجدود وعن آثار مروانا
عن المساجد قد طالت منائرها *** تعانق السحب تسبيحاً وعرفانا
وعن ملاعب كانت للهوى قدساً *** وعن مسارح حسن كنَّ بستانا
أبوالوليد تغنى فى مرابعها *** وأجج الشوق نيراناً وأشجانا
لم ينسه السجن أعطافاً مرنحةً *** ولا حبيباً بخمر الدل نشوانا
فما تغرب إلا عن ديارهم *** والقلب ظل بذاك الحب ولهانا
فكم تذكر أيام الهوى شرقاً *** ولا حبيباً بخمر الدل نشوانا
قد هاج منه هوى ولادة شجناً *** والقلب ظل بذاك الحب ولهانا
فأسمع الكون شعراً بالهوى عطراً *** وكم تذكر أعطافاً وأردانا
وعاش للحسن يرعى الحسن فى وله *** برحاً وشوقاً وتغريداً وتحنانا
تلك السموات كنَّاها نجمِّلها *** بالحب حيناً وبالعلياء أحيانا
فردوس مجد أضاع الخلف روعته *** من بعدما كان للإسلام عنوانا
أبا الوليد أعنِّى ضاع تالدنا *** وقد تناوح أحجاراً وجدرانا
هذى فلسطين كادت والوغى دول *** تكون أندلساً أخرى وأحزانا
كنا سراة تخيف الكون وحدتنا *** واليوم صرنا لأهل الشرك عبدانا
نغدو على الذل أحزاباً مفرقة *** ونحن كنا لحزب الله فرسانا
رماحنا فى جبين الشمس مشرعة *** واليوم صرنا لأهل الشرك عبدانا
أبا الوليد عقدنا العزم إن لنا *** فى غمرة الثأر ميعاداً وبرهانا
الجرح وحدنا والثأر جمعنا *** للنصر فيه إرادات ووجدانا
لهفى على القدس فى البأساء دامية *** نفديك يا قدس أرواحاً وأبدانا
سنجعل الأرض بركاناً نفجره *** فى وجه باغ يراه الله شيطانا
وينتسى العار فى رأد الضحى فنرى *** أن العروبة تبنى مجدها الآنا