قصة جليس موسى في الجنة

قيل أن كليم الله موسى عليه السلام طلب يوماً من البارئ جل شأنه، أثناء مناجاته له، أن يريه جليسه بالجنة في هذه الدنيا؛ فقال له: يا موسى جليسك هو القصَّاب فلان، الذي يقيم في محلة كذا.

ذهب موسى عليه السلام إلى دكان القصاب فرآه شاباً يشبه الحارس الليلي وهو مشغول ببيع اللحم. بقي موسى عليه السلام مراقباً لذلك القصاب عن كثب، بقية ذلك اليوم، لعله يرى عمله الذي بلغ به تلك المنزلة الرفيعة، لكنه لم يشاهد أي شيءٍ غريب.

لما جنَّ الليل أخذ القصاب مقداراً من اللحم وذهب إلى منزله. فانطلق موسى عليه السلام خلفه، وطلب منه أن يبيت في ضيافته تلك الليلة، دون أن يعرّف بنفسه ... فاستقبله الشاب بصدرٍ رحب، وأدخله البيت بأدبٍ كامل، وظل موسى يراقبه، فرأى عليه السلام هذا الشاب وهو يقوم بتهيئة الطعام، ثم ينزل زنبيلاً كان معلقاً في السقف، ويخرج منه عجوزاً طاعنة في السن، ويبدأ بغسلها، وإبدال ثيابها، قبل أن يقوم بإطعامها بيديه، وإعادتها إلى مكانها الأول، بعد فراغها من الطعام، ولاحظ موسى عليه السلام أن العجوز قد تمتمت بكلمات غير مفهومة.

بعد ذلك قام الشاب بأصول الضيافة، ووضع الطعام بين يدي ضيفه، ثم بدآ بتناوله سويةً. سأله موسى عليه السلام: من هذه العجوز؟ أجاب: هي أمي .. وأنا أقوم بخدمتها، فسأله عليه السلام: وماذا قالت أمك بلغتها؟! أجاب: كلما أخدمها أسمعها تقول حين فراغي من خدمتها:غفر الله لك يا بُني، وجعلك جليس موسى يوم القيامة في قبته ودرجته في الجنة.

فقال عليه السلام: يا شاب أبشرك بأن الله تعالى قد استجاب لدعوة أمك، إذ كنت قد رجوته أن يريني جليسي في الجنة فكنت أنت هو، وقد راقبت أعمالك فلم أرَ منك سوى برِّك بأمك وإحسانك إليها، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

أبو مسلم/ إسماعيل البشير علي