Admin Admin
عدد المساهمات : 302 تاريخ التسجيل : 30/12/2007
| موضوع: من عيون الشعر السوداني الخميس 14 فبراير 2008, 4:56 pm | |
|
بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت
محمد المكى إبراهيم
الله يا خلاسية
يا حانةً مفروشة بالرمل
يا مكحولة العينين
با مجدولة من شعر أغنيَّة
يا وردة باللون مسقيَّة
بعض الرحيق أنا
والبرتقالة أنت
يا مملوءة الساقين أطفالا خلاسيين
يا بعض زنجيَّة
وبعض عربيَّة
وبعض أقوالى أمام الله
* * *
من اشتراك اشترى فوح القرنفل
من أنفاس أمسيَّة
أو السواحل من خصر الجزيرة
أو خصر الجزيرة
من موج المحيط
وأحضان الصباحيَّة
من اشتراك اشترى
للجرح غمداً
وللأحزان مرثيَّة
من اشتراك اشترى
منى ومنك
تواريخ البكاء
وأجيال العبوديَّة
من اشتراك اشترانى يا خلاسيَّة
فهل أنا بائع وجهى
وأقوالى أمام الله
* * *
فليسألوا عنك أفواف النخيل رأت
رملا كرملك
مغسولاً ومسقيّا
وليسألوا عنك أحضان الخليج متى
ببعض حسنك
أغرى الحلم حوريَّة
وليسألوا عنك أفواج الغزاة رأت
نطحاً كنطحك والأيام مهديَّة
* * *
ليسألوا
فستروى كل قُمرية
شيئاً من الشعر
عن نهديك فى الأسحار
وليسألوا
فيقول السيف والأسفار.
يا برتقالة
قالوا يشربونك
حتى لا يعود بأحشاء الدفاق رحيق
ويهتكون الحمى
حتى تقوم لأنواع الفواحش سوق
والآن راجوا
فظلَّ الدنُّ والابريق
ظلت دواليك تعطى
والكؤوس تدار.
* * *
هزّى اليك بجذع النبع
واغتسلى
من حزن ماضيك
فى الرؤيا وفى الإصرار
هزّى اليك
فأبراج القلاع تفيق
النحل طاف المراعى
وأهداك السلام الرحيق
الشرق أحمر
والنعمى عليك إزار
تجرى ويمشون للخلف
حتى نكمل المشوار
* * *
طاف الكرى بعيون العاشقيك
فعادوا منك بالأحلام
ما للعراجين تطواح
وليس لأطيار الخليج بغام
النبع أغفى وكل الكائنات نيام
إلا أنا
والشذى
ورماح الحارسيك قيام
* * *
متى تجاوزتهم
وثباً إليك أجئ
شعرى بليل
وحضنى بالورود ملئ
فلتتركى الباب مفتوحاً
وحظى فى الفراش دفئ
ولتلبى لى غلالات الشذى
وغناء النبع والأشجار
فلى حديث طويل
مع نهديك فى الأسحار.
يا برتقالة
ساعات اللقاء قصار
* * *
تأملينى قليلا فالصباح أطلّ
البحرُ ساج
وتحفاف النخيل غزل
وبركة القصر باليلوفر ازدحمت
والنحل أشبع كاسات الزهور قُبل
واننى الآن أزهى ما أكون
وأصبى من صباى
ومكسياً من النور الجديد إزار
تأملينى فإن الجزر أوشك
- إنى ذاهب-
ومع المد الجديد سآتى
هل عرفتينى؟
فى السريح والموج
فى النوء القوى
وفى موتى وبعثى سآتى
فقولى قد عرفتينى
وقد نقشت تقاطيعى وتكوينى
فى الصخر والرمل ما بين النراجين
وإنى صرت فى لوح الهوى تذكار
والآن
لا شابعاً من طيب لحمك
أو ريان من سكب نهديك أمضى
فأوعدينى أن ستدعونى
الى فراشك ليلا آخر
وتطيليه علىَّ بشعرك
فى زندى
ولونك فى لونى وتكوينى
فنيت فيك فضمينى
الى قبور الزهور الإستوائيَّة
الى البكاء
وأجيال العبوديَّة
ضمى رفاتى
ولفينى بزندك
ما أحلى عبيرك
ما أقواك
عاريَّة وزنجيَّة وبعض عربيَّة
وبعض أقوالى أمام الله
سمندل فى حافة الغياب
د. محمد عبدالحى (1)
لو ضاع فى نزوعه البحرى، فالعباب
-عبر زمان البحر- والملحُ سينحتان من عظامه المبلوّرة
حدائقاً من صدف تضئ فى صيف الليالى المقمرة
على رمال ساحل الغياب
(2)
وهى على منسجها مُنتظرة
تسير بالزمان للأمام مرة، ومرة تعود بالزمان القهقرى
لبرهة تضئ خارج الزمان حيث تلتقى
ببرهة الغربة برهة الإياب
(3)
كن يغنين على الصخرة، والجدائل المنتشرة
أزهارُ فسفور على الخليج
الجسد الأخضر مسقى بلون البحر
ومشبع بعسل الزنابق المسمومة الأريج
(4)
فى الحلم الرافع فى الليل مرايا الماء
غريبة النقوش والأسماء
كان يرى النحل الذى يزحم مشغولا جذوع الشجر القديم؛ والجذور
تمص لحم الأرض فى شهوتها الطينيَّة العمياء
(5)
وحينما أجهش صرتُ الموجة المنحسرة
كان يرى الطيور فى الصيف الى أعشاشها المبعثرة
تعود؛ والدم الذى يزبد، فى حضوره الأنقى، على التراب
ووقفة السمندل، المبتل بالنار، على الصخرة فوق حافة الغياب
(6)
وعلى منسجها منتظرة
فى الصمت، بعد آخر الليل وقبل أول النهار
تنصت للحوار
يُمعن بين البحر والأرض بصوت اللغة القديمة
اللغة الأقدم من مجادلات النصر والهزيمة
الأقدم الأنقى من الهجرة والإياب فى مرافئ الأسى والأنتظار
فى العدم الساكن، بين لغة البحر وشكل النار
فى الغربة
صلاح أحمد إبراهيم هل يوماً ذقت هوان اللون
ورأيت الناس إليك يشيرون، وينادون:
العبدُ الأسود؟
هل يوماً رحت تراقب لعب الصبية فى لهفة
وحنان
فاذا أوشكت تصيح بقلب ممتلئ رأفة
ما أبدع عفرتة الصبيان!
رأوك فهبوا خلفك بالزفة:
عبد أسود
عبد أسود
عبد أسود..؟
هل يوماً ذقت الجوع مع الغربة
والنوم على الأرض الرطبة
الأرض العارية الصلبة
تتوسد ثنى الساعد فى البرد الملعون
أنّى طوفت تثير شكوك عيون
تتسمع همس القوم، ترى غمز النسوان
وبحد بنان
يتغور جرحك فى القلب المطعون
تتحمل لون إهاب ناب كالسبّه
تتلوى فى جنبيك أحاسيس الإنسان
تصيح بقلب مختنق غصان:
وا ذل الأسود فى الغربة
فى بلد مقياس الناس به الألوان!
* * *
أسبوع مرَّ وأسبوعان
وأنا جوعان
جوعان ولا قلب يأبه
عطشان وضنوا بالشُربة
والنيل بعيد
النيل بعيد
الناس عليهم كل جديد
وأنا وحدى...
منكسر الخاطر يوم العيد
تستهزئ بى أنوار الزينة والضوضاء
تستهزئ بى أفكارى المضطربة
وأنا وحدى..
فى عزلة منبوذ هندى
أ تمثل أمى، اخوانى،
والتالى نصف الليل طوال القرآن
فى بلدى
فى بلد اصيحابى النائى
الأعصم خلف البحر وخلف الصحراء
فى بلدى
حيث يعزُ غريب الدار، يُحب الضيف
ويخص بآخر جرعة ماء عز الصيف
بعشا الأطفال
ببليل البشر والإيناس إذا ما رقّ الحال[1]
وأخذت أغنى فى شجو، ألمى ظاهر
يا طير الهجرة..يا طائر
يا طيراً وجهته بلادى
خذنى بالله أنا والله على أهبة
قصت أقدار أجنحتى
وأنا فى زاوية أتوسد أمتعتى
ينحسر الظلُ فأمضى للظل الآخر
* * *
لكن الطير مضى عنى
لم يفهم ما كنت أغنى.
المنفى والمملكة النور عثمان أبكر
لم أهجر يوما دار أبى
لأهيم بكهف فى الصحراء
أتدثر ما نسجته أكفُ الريح على منوال الصمت
وأطعم من مائدة الرب
وأصيخ السمعَ وأنشر ساريّة الأبصار لعلَّ الدرب
يتمخض مهرا يطوى بى، فى غمضة عين، كل جواء الدنيا
والآخرة المرجوة والرؤيا
وإذا ما عدتُ بسطت لكم سر اللقيا
وحلفت بخط الشيب برأس أبى، وبحرمة أمى:
أنّ ملاك الرب أتانى ليلا
شق الصدر وغرق فى بحر دماى أنامله
فانتزع الخوف وريح اللعنة، فك لجام لسانى
عمّدنى
وأراح جبينى، حررنى
من قهر الحاجة والزمن
ورويت لكم ما تعيا عنه الفطنة، تعيا عنه الحيل المطلية
من أنى شارفت رفاة الأبدية
فى حضن الشفق الأبدى سُقيتُ الخمر بأكواب الفضة
من أيدى الولدان الغضة
ندمائى رُسل المشرق والمغرب
ما بَحَّ اللحن ولم نتعب
ولأن الخمر بها أنهار
والحورُ العينُ تروح، تجئ بغير إزار
أغوانى الظلُّ، فأقصيتُ
***
قدستم رفقة : دار أبى
مهدى، منفاى ومملكتى
فيها عانيت مجاهيل المحظور، وجئت أعمدكم. | |
|