حكايات من حلتنا
شهد وشوارد
الجزاء الاول :-
الليل يكسوه الدجور والدعاش يعطر المكان الحاجه فاطمه تهرول نحو (التكل ) وكانها بين الصفاء والمروه تفتح الباب ولسانها ينطق بعض الاسماء همسا وحييننا شفاهيه لم افهم سوي البنوت ديل مسهيات ساي في التلفزيون ونسن (اللدايات في السهله ساكت ) ويبدا الصوت يرتفع بارتفاع امواج القضب ونزول حبيبات المطر (اسرعن والله انتن الواحده بعدين ارجعوها بي خبيزه ) الحاجه فاطمه امراه قصيره القامه طويله البال تتكي علي عصاة عصرتها الحياه فكستها حكمه وصمود تحمل مسبحه بيضاء سوداء الفواصل منذ حجها الاول تعتني باغنامها وابقارها كما احفادها الكل يحبها لدرجه الجنون
المطر يتساقط بشراهه والرياح تكاد تطيح بالراوكيب فصارات كاشرعه المراكب وهي في اقصي سرعتها الكل في مبني واحد مكون من غرفتين تربطهم (صاله) كحرف ال (ك) الذي رسمه الاستاذ احمد الطاهر في احد الملصقات المعلقه في الحائط الايمن داخل الصف الاول تحت رسمت الكلب في مدرستنا الابدائيه .
الاستاذ احمد الطاهر كان يومن بمدي التعلم بالنظر ويدعمه في ذلك خطه الجميل وابداعه في الرسم والتصميم واخلاصه للمهنه الرسوليه وتظهر خبره السنين المتراكمه حتي في طريقه نطقه للحروف وحكاياته الجميله كقامته والفارعه ولونه القمحي كله جمال حتي الجلابيه (الانصاريه) والطاقيه (ام قنبور ) توحي لك انه معلم ورساله
احدي الغرف عباره عن (دكان) وغرفه نوم ومخزن ومع كل ذلك تنضح روعه وتشع ترتيبا تقضي كل احتياجات الحي من المواد الاستهلاكيه اليوميه وانوع السكر المختلفه تبين لك كان صاحبها (موظف في احد شركات السكر)
اما الغرفه الثانيه عباره عن مخزن يبدو لك انه غير منتظم ولكن الحاجه فاطمه تعلم كل شي داخله من سنين وهو بنفس الحاله لايدخله احدا غيرها الا القليلين برفقتها
تضع الحاجه فاطمه عنقريبها الهباب علي بعد متر من باب الغرفه وامامها تطقطق نار القهوه وتحكي قصصا تنسي الحاضرين خوفهم من صوت الرعد ووميض البرق ونقنقت المطر وعوي الرياح (بيت بكاء) المطره بدت تتسرب من كل الاتجهات وبدا الكل في التحليل كالعاده من يتحدث عن السباليق (مقفوله) ومن يبرر ان المطر فاجائهم كونها اول مطره (كلسان ولاتنا يتحدثون عن مفاجاة الخريف لهم في كل عام ) والحاجه فاطمه قليله السمع نسبيا لم تسمع حوارهم وهي تبحر بين الحيره والسرحان في ايجاد طريقه لاطعام اغنامها (العلوق) في هذه الليله الطويله فتجوب بخيالها كل المخازن بحثا عن (التبن) والانباز وتنقنق كل مازاد المطر (والله موسي اكل قريشاتي ساي لاردم لازبل ) وتبتسم ابتسامه حيره وتسئل (البدوي) عن سعر الانباز وكانها تسائل عن (الدولار والعملات الاجنبيه) في مصطبه السوق الافرنجي واسعار السمك في الاسواق المركزيه تتفحص بالاسئله نوعه وكميته و(البدوي) علي عجله من امره يطالع ساعته الكاسيو كل دقيقه فهو في انتظار مباراة الديربي السوداني بين الهلال والمريخ وفي الريف كلما كان الجو جميلا كانت اشاره التلفاز افضل ولكن امطار الليل عادتنا لاتسكت من (النقه التي تكسر صمت الليل )
الامطار تصمت قليلا الي درجه الرزاز ويفكر الجميع في الخروج
الحاجه (حسنه ) تداهمهم ببرادين شاي (لبن . وساده) وصحنين زلابيه) وتطلق العنان لابتسامتها الدئمه لانها تعلم ان مفعول الشاي في طرد البرد يفوق دفايات القصور الفاخره
لا احد يسئل عن المناسبه لان هذه الاشياء طبيعيه
ماهذا الصفاء رغم الضجيج اصوات الحيوانات والبشر وصوت الاذانات تتلاقح مع حبيبات المطر الفاتره
انها بدايه النشاط الزراعي في البلدات والمشروع فهذه المطره مقياس لخريف ناجح يعرفه اهل القريه
في (الصاله) كانت تجلس بجوار الباب علي (بنبر) مصنوع من مواد محليه امراة اراقبها بصمت ولم اري منها سوي بريق عينيها عند تسرب ضو البرق برقراق النوافز والشنيشه
لم تنطق حرفا واحد لااعرف من هي ..... تحمل طفله ابنه عامين ونيف .. حتي الطفله في ذات الهدواء
كنت اتلهف لخروجها لاعرف من هي ولا اعرف لماذا لم استطع سوالها لكني اتوهم اني اعرف كل اهل القريه الصغيره
فكلهم عشيرتي فمالم يجمعه النسب جمعته العشره
بداء الناس يثرثرون عن اسعار (التواريب) ولاشك ان مخزن الحاجه فاطمه يحوي افضل التواريب منها ما انقرض من السوق لكنها (ليس للبيع) كباقي الموروثات البيئيه الجميله
ومازلت اراقبها واراقب ساعتي البلاستيكيه الكبيره ليست جميله لكنه مواكبه لموضه الشباب (الراستات) انا في انتظار مسلسل (الشهد والدموع) واظنها هي كذلك في نفس الترقب
عثمان يوزن في (االاشاره ) ويردد فاصلا بصوته الخشن من اغنيه سيد الاسم.. الدنيا ياناس تنقسم (ايك) لم افهم معني الاخيره لكتها تبدو كانفجار طاقة فرح وسرور فحاولت اسكته لكن تزكرت ان الكل انفعل مع تباشير الخريف حتي الضفادع التي يدعي بعض الاطفال انها تحمل مفتاح سرا للخريف فيقتلونها بهزل فتموت بجديه
بدا المسلسل وبداء التركيز (كحصص الكمياء المولاريه) وانا منزعج ومع مرور الوقت بدات اسباب الانزعاج تزيد
انها الحلقه الاخيره هنا وايضا قد تكون المره الاخيره التي اجد فرصة التحدث اليها وهناك في النادي (مباراة نهائي الممتاز) والطريق يكفي لاسقاط صلاه جمعه من (الوحل) تتباين الاسباب ويبقي الفضول يتملكني
أي صوتا هذا الذي فاق كل الاصوات (الكي الكي صلاح الضي ) الهلال يسجل هدفا والمباره في القلعه الحمراء وطبيعي جدا ان تكون الكهرباء في امدرمان مقطوعه
خرجت من كل هذه الحيره فسمعت صوت (ربابه) من جهة البياره وانظر لا اري احد والطرب يشق صمت الليل والنسيم يتمايل فسابقت خطاي نحو الصوت وجدته (عامر) يهتز كما عوض احمودي عندما يزهو بالعود
فجلست في حجر قصاده وهو يردد اجمل الحلوين وين عهودك وين لوانت ناسي الناس نحنا ماناسين المسافه بين البيت والبياره عباره عن سوق مختصر (ملجه) تحتوي علي دكان وجزاره صغيره و(فرشه ) للخضار في الصباح وفي النهار صفوف (الكوارو) ومشاجرات بلامعني (دورك ودوري )
وفي الليل الناس (كيمان كيمان )
يتجازبون اطراف الحديث وقصصا تفوق الخيال وملاسنات بين الرواعيه والعربجيه وعشاق الكوره انها ساحه صغيره ملئه بالحياه والضجيج
ظللت اشارك عامر الطرب قليلا ثم نظرت في الاتجاه الاخر ضواء خافت ومجموعه اخري من الشباب مابين (الوست والحريق ) انه جمال قريتي تحوي كل شي (مسجدين كلا يسابق الاخر في المحاضرات والليالي الدينيه مابين الصوفيه والانصار لكلا مسجد جنوبها نادي يحوي كل الدوريات الاربيه وميدان كبير للعبه الاكثر شعبيه وشمالها تتعالي اصوات السكاره وغربها صوت دلوكه كاربه واصوات زغاريد وشرقها الناس ملتفون حول (حوي النبي وهو يردد مسدار جديدا في المطر)
وانا في الوسط جالس علي جمر الفضول وعامر هائم مع اوتار الربابه لايهتم بشي
حاولت اغير من جلستي اتجهت غربا وانا اطالع بابا من الزجاج المقوي وبنايه في قمه الروعه (كانها المدينه) بعينها واحدا يجلس امام المبني في كرسي فاخر وحوله اناسا يجلسون علي الارض لااسمع مايقول جيدا لكن سمت كلمه قضيه مدنيه وقانون جنائي
مسكت الربابه من عامر وهو في دهشه وسائلته هل من احد غريب هنا
ضحك كانه لم يضحك من قبل كمن يضحك اخيرا
واتهمني بالجنون
والعود يزداد زهوا كل ما عزف